الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          [ ص: 95 ] الأصل الثاني

          في حقيقة الحكم الشرعي وأقسامه وما يتعلق به من المسائل

          ويشتمل على مقدمة وستة فصول .

          أما المقدمة ، ففي بيان حقيقة الحكم الشرعي وأقسامه .

          أما حقيقته ، فقد قال بعض الأصوليين : إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين .

          وقيل : إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد وهما فاسدان ; لأن قوله تعالى : ( والله خلقكم وما تعملون ) ، وقوله تعالى : ( خالق كل شيء ) خطاب الشارع ، وله تعلق بأفعال المكلفين والعباد ، وليس حكما شرعيا بالاتفاق .

          [1] وقال آخرون : إنه عبارة عن خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير ، وهو غير جامع ، فإن العلم بكون أنواع الأدلة حججا ، وكذلك الحكم بالملك والعصمة ونحوه أحكام شرعية ، وليست على ما قيل .

          [2] والواجب أن نعرف معنى الخطاب أولا ضرورة توقف معرفة الحكم الشرعي عليه فنقول :

          قد قيل فيه : " هو الكلام الذي يفهم المستمع منه شيئا " وهو غير مانع ، فإنه يدخل فيه الكلام الذي لم يقصد المتكلم به إفهام المستمع ، فإنه على ما ذكر من الحد وليس خطابا .

          والحق أنه " اللفظ المتواضع عليه المقصود به إفهام من هو متهيئ لفهمه " .

          ( فاللفظ ) احتراز عما وقعت المواضعة عليه من الحركات والإشارات المفهمة .

          و ( المتواضع عليه ) احتراز عن الألفاظ المهملة .

          و ( المقصود بها الإفهام ) احتراز عما ورد على الحد الأول .

          [ ص: 96 ] وقولنا : ( لمن هو متهيئ لفهمه ) احتراز عن الكلام لمن لا يفهم كالنائم والمغمى عليه ونحوه .

          وإذا عرف معنى الخطاب فالأقرب أن يقال في حد الحكم الشرعي أنه " خطاب الشارع المفيد فائدة شرعية " .

          فقولنا : ( خطاب الشارع ) احتراز عن غيره ، والقيد الثاني احتراز عن خطابه بما لا يفيد فائدة شرعية ، كالإخبار عن المعقولات والمحسوسات ونحوها ، وهو مطرد منعكس لا غبار عليه .

          وإذا عرف معنى الحكم الشرعي فهو إما أن يكون متعلقا بخطاب [3] الطلب والاقتضاء أو لا يكون .

          فإن كان الأول فالطلب إما للفعل أو للترك وكل واحد منهما إما جازم أو غير جازم .

          فما تعلق بالطلب الجازم للفعل فهو الوجوب ، وما تعلق بالطلب الجازم للترك فهو الحرمة ، وما تعلق بغير الجازم فهو الكراهة .

          وإن لم يكن متعلقا بخطاب [4] الاقتضاء ، فإما أن يكون متعلقا بخطاب [5] التخيير أو غيره .

          فإن كان الأول فهو الإباحة .

          وإن كان الثاني ، فهو الحكم الوضعي كالصحة والبطلان ونصب الشيء سببا أو مانعا أو شرطا ، وكون الفعل عبادة وقضاء وأداء وعزيمة ورخصة إلى غير ذلك .

          فلنرسم في كل قسم منها فصلا ، وهي ستة فصول :

          التالي السابق


          الخدمات العلمية