الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
776 - وروينا عن أبي سلمة ، عن عائشة في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بنات لعائشة لعب ، فقال : [ ص: 255 ] " ما هذا ؟ " فقالت : بناتي قال : " فما هذا الذي أرى في وسطهن ؟ " قالت : فرس قال : " ما هذا الذي عليه ؟ " قالت : جناحان قال : " فرس له جناحان " قالت : وما سمعت أن لسليمان بن داود خيلا لها أجنحة . قالت : فضحك حتى بدت نواجذه .

أخبرنا أبو زكريا بن إسحاق ، أنبأ أبو الحسن الطرائفي ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، أنبأ يحيى بن أيوب قال : حدثني عمارة بن غزية أن محمد بن إبراهيم التميمي حدثه ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، فذكره في حديث قدوم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك .

قال الشيخ أحمد رحمه الله : وهذا كله محمول عند بعض أهل العلم على أنه كان وقت صبائها . قال أبو عبيد : وليس وجه ذلك عندنا إلا من أجل أنها لهو الصبيان ، ولو كان لكبار لكان مكروها .

قال الشيخ أحمد رحمه الله : حمل الحديث الأول على ذلك ممكن ، فأما الثاني ففيه أن ذلك كان بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك ، والظاهر أنها كانت بالغة في ذلك الوقت ، فكانت ابنة ثماني عشرة حين مات النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان من وقت قدومه من غزوة تبوك إلى وفاته أقل من ثلاث سنين . ويحتمل أنه كان قيل بتحريم التصوير .

وذهب الحليمي إلى أنه إن عمل من خشب ، أو حجر ، أو صفر ، أو نحاس شبه آدمي تام الأطراف كالوثن وجب كسره . فأما إذا كانت الواحدة منهن تأخذ خرقة فتلفها ثم تشكلها بأشكال الصبايا وتسميها بنتا أو أما وتلعب بها فلا تمنع منه ، والله أعلم .

قال رحمه الله : وفي الحديث الذي ذكرناه عن عائشة أن الفرس الذي رآه كان له جناحان من رقع .

وأما الغناء من غير عود :

فقد قال الشافعي رحمه الله في الرجل يتخذه صناعة : لم تجز شهادته . وذلك لأنه من اللهو المكروه الذي يشبه الباطل ، ومن صنعه كان منسوبا إلى السفه ، وسقاطة المروءة وإن لم يكن محرما بين التحريم .

وإن كان لا ينسب نفسه إلى الغناء ولا يؤتي لذلك ولا يأتي عليه ، وإنما يعرف بأنه يطرب في الحال فيترنم فيها ، لم يسقط هذا شهادته .

[ ص: 256 ] وهذا لما رويناه عن عائشة في دخول أبي بكر عليها وعندها جاريتان تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث ، وليستا بمغنيتين ، فقال أبو بكر : أمزمور الشيطان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا بكر ، لكل قوم عيد ، وهذا عيدنا " .

وروينا عن جماعة من الصحابة الترنم بالشعر ، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نشيد الأعراب ، والحداء .

التالي السابق


الخدمات العلمية