الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 8539 ] سمعت أبا عبد الله الحافظ ، يقول : سمعت الإمام أبا بكر أحمد بن إسحاق ، يقول : التقيت مع أبي عثمان يعني الحيري يوم عيد في المصلى ، وكان من عادته إذا التقى بواحد منا فسأله بحضرة الناس عن مسائل فقهية ، ويريد بذلك إجلاله وزيادة يجله عند العوام ، فسألني بحضرة الناس في مصلى العيد عن مسائل ، فلما فرغ منها ، قلت له : أيها الأستاذ في قلبي شيء أردت أن أسألك عنه منذ حين ، قال : قل ، قلت : إني رجل قد دفعت إلى صحبة الناس ، وحضور عدة المحافل ، وإني ربما أدخل مجلسا يقوم لي بعض الحاضرين ، ويتقاعد عن القيام لي بعضهم ، فأجدني أنضم على القاعدين ، حتى لو قدرت على الإساءة إليه فعلت ، قال : فلما فرغت من كلامي سكت أبو عثمان وتغير لونه ، ولم يجبني بشيء ، فلما رأيته قد تغير لونه سكت ، ثم انصرفت من المصلى ، فلما كان بعد العصر ، قعدت وأذنت للناس ، فدخل علي عند المساء جار لي قلما كان يتخلف عن مجلس أبي عثمان ، فقلت له : من أين أقبلت ؟ قال : من مجلس أبي عثمان ، قلت : وفي ماذا كان يتكلم ؟ قال : أجرى المجلس من أوله إلى آخره في رجل كان ظنه به أجمل ظن ، فأخبر عن شره بشيء أنكره أبو عثمان وتغير له به ، قال أبو بكر : فعلمت أنه حديثي ، [ ص: 279 ] قلت : وبما ختم حديث ذلك الرجل ؟ قال : قال أبو عثمان : أظهر لي من باطنه شيئا لم أشم منه رائحة الإيمان ، ويشبه أنه على الضلال ما لم يظهر توبته من الذي أخبرني به عن نفسه ، قال الشيخ أبو بكر : فوقع علي البكاء ، وتبت إلى الله مما كنت عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية