الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الدليل على أن الطاعات كلها إيمان .

قال الله عز وجل في وصف المؤمنين : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ) إلى قوله : ( أولئك هم المؤمنون حقا ) [ ص: 100 ]

فأخبر أن المؤمنين هم الذين جمعوا هذه الأعمال ، فدل ذلك على أنها من جوامع الإيمان " قال الحليمي رحمه الله تعالى : " إذا ثبت أن المؤمنين الموصوفين في هذه الآية إنما استوجبوا اسم المؤمنين حقا لمكان الأعمال التي وصفهم الله تعالى بها ، ولم تكن الأعمال المتعبد بها هذه وحدها صح أن المراد بذكرها هي ، وما في معناها من الأعمال المفروضة ، أو المندوب إليها ، فالصلاة إشارة إلى الطاعات التي تقام بالأبدان خاصة ، والإنفاق مما رزق الله إشارة إلى الطاعات التي تقام بالأموال ، ووجل القلب إشارة الاستقامة من كل وجه ، ويدخل فيها إقامة الطاعات والانزجار عن المعاصي .

قال : " والآية فيمن إذا ذكر الله وجل قلبه ، وليس ارتكاب المعاصي ومخالفة الأوامر من أمارات الوجل ، والآية فيمن إذا تليت عليه آيات الله زادته إيمانا ، وليس التخلف عن الفرائض ، والقعود عن الواجبات اللوازم من زيادة الإيمان بسبيل فصح أن الذين نفينا أن يكونوا مؤمنين حقا ، وأوجبنا أن يكونوا ناقصي الإيمان غير داخلين في الآية . قال الله عز وجل : ( ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم ، وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان ) فقابل بين ما حببه إلينا ، وبين ما كره إلينا ، ثم أفرد الإيمان بالذكر فيما حبب ، وقابله بالكفر والفسوق فيما كره ، فدل ذلك على أن للإيمان ضدين ، أو أن من الإيمان ما ينقضه الكفر ، ومن الإيمان ما ينقضه الفسوق وفي ذلك ما أبان أن الطاعات كلها إيمان ، ولولا ذلك لم يكن الفسوق ترك الإيمان والله أعلم " قال الإمام أحمد : " وفصل بين الفسوق والعصيان ، وفي ذلك دلالة على أن من المعاصي ما لا يفسق به ، وإنما يفسق بارتكاب ما يكون منها من الكبائر ، أو الإصرار على ما يكون منها من الصغائر ، واجتناب جميع ذلك من الإيمان ، وبالله التوفيق .

وقال الله تعالى : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) [ ص: 101 ]

وأجمع المفسرون على أنه أراد به صلاتكم إلى بيت المقدس ، فثبت أن الصلاة إيمان ، وإذا ثبت ذلك فكل طاعة إيمان إذ لا فارق يفرق بينهما " قال الإمام أحمد : وقد روينا في الحديث الثابت ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما قدم المدينة قبل بيت المقدس ستة عشر ، أو سبعة عشر شهرا ، ثم حولت إلى البيت ، وأنه مات قبل أن تحول رجال ، وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم ، فأنزل الله عز وجل : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) .

[ 11 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو النضر الفقيه حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا النفيلي ، حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق فذكره [ ص: 102 ]

أخرجاه في الصحيح من حديث زهير بن معاوية ، " وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور من الإيمان وذلك فيما :

التالي السابق


الخدمات العلمية