الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
(62) الثاني والستون من شعب الإيمان " وهو باب في رد السلام "

قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) .

فأبان أنه عز وجل أمر به ؛ لأنه أفضل ، وقال : ( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم ) ، يعني : يسلم بعضكم على بعض ( تحية من عند الله مباركة طيبة ) فمن سلم فإنما يتأدب بأدب الله عز وجل ، ويحيي إخوانه المسلمين بما أمره الله تعالى أن يحييهم به ، ثم إنه جل وعز قال في الرد : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) .

فأمر أن يقابل المحيي بأحسن من تحيته أو يرد تحيته عليه .

وقد بينا أن السلام تحية ، فصح أن من سلم عليه فعليه أن يجيب المسلم بأحسن من تسليمه ، أو يقول له مثله ، فيكون قد رد عليه تحيته ، ومعنى الرد أن يدعو له مثل ما دعا ، فيقول : وعليكم السلام ، أو يزيد فيقول : ورحمة الله ، وإن كان قد قال المسلم : السلام عليكم ورحمة الله ، قال في الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وهذا آخر السلام ، ورده في الشريعة .

قال : وإنما كان رد السلام فرضا ، وإن كان الابتداء تحية وبرا ؛ لأن الأصل في التسليم أنه كلام أمان ، فإن من دعا لآخر بالسلامة ، فقد أعلمه من نفسه أنه لا يريد به شرا ، [ ص: 359 ] والأمان لا يتفرق حكمه بين اثنين ، كان أحدهما آمنا من الآخر ، فواجب أن يكون الآخر آمنا منه ، فلا يجوز إذا سلم واحد على آخر أن يسكت عنه ، فيكون قد أخافه ، وأوهمه الشر ، فلذلك وجب عليه الرد .

التالي السابق


الخدمات العلمية