الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1256 الأصل

[ 944 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا [سفيان] عن الزهري، عن عروة، عن عائشة; أنه سمعها تقول: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته" . وأبو بكر رضي الله عنه عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له، فنادى: يا أبا بكر، ألا تسمع ما تجهر به هذه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

التالي السابق


الشرح

امرأة رفاعة هي تميمة بنت أبي عبيد القرظية، كذلك سماها قتادة، وقيل: هي سهيمة بنت وهب بن عبيد .

ورفاعة: هو ابن السموءل من بني قريظة معدود في الصحابة.

روت عنه: عائشة.

وروى [عنه] أيضا عبد الرحمن بن الزبير، وابنه علي بن [ ص: 222 ] رفاعة .

وعبد الرحمن: هو ابن الزبير -بفتح الزاي- بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.

أحد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وروى عنه: ابنه الزبير-بضم الزاي- ويقال: هو عبد الرحمن بن الزبير بن باطاء من بني قريظة، كان الزبير يهوديا وأسلم ابنه عبد الرحمن .

وخالد: هو ابن أبي أحيحة سعيد بن العاص الأموي القرشي، متقدم الإسلام، هاجر مع أخيه عمرو إلى أرض الحبشة ومعه امرأته أميمة الخزاعية، وولدت له بالحبشة سعيد بن خالد، وأمة بنت ، وقيل في خلافة عمر رضي الله عنه بأرض الشام وهو ابن خمسين سنة .

والحديث صحيح مشهور، أخرجه البخاري عن أبي اليمان عن شعيب ومسلم عن عمرو الناقد عن سفيان، بروايتهما عن الزهري.

وقولها: "فبت طلاقي" أي: قطع الوصلة بالكلية واستوعب الثلاث.

[ ص: 223 ] وقوله: "إنما معه مثل هدبة الثوب" أي: لا يقوى على الجماع، ومثلت ذكره في ضعفه واسترساله بهدبة الثوب.

والعسيلة: تصغير العسل، وقد قيل أن العسل يذكر ويؤنث، وقيل: أنث على معنى النطفة، وقيل: على معنى اللذة، وقيل: على معنى القطعة من العسل.

والحديث يدل على أن المطلقة ثلاثا لا تحل للزوج الأول حتى يصيبها الثاني في نكاحه ثم يفارقها، واحتج ابن المنذر بالحديث على أنه [إذا] وطئها الثاني وهي نائمة أو مغمى عليها لم يكف; لأنها لم تحس باللذة، وفيه أنهم كانوا يدخلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإذن، وأن الإذن للبعض لا يكون إذنا للكل.

[وقوله لخالد ]: "ألا تسمع ما تجهر به هذه" يجوز أن يكون استنكارا لما ذكرته عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأى الأحسن أن تستفتي بواسطة، ويجوز أن يكون الذي استنكره الجهر بالكلمة حتى بلغته وهو بالباب وربما قصد أن يعرف حضوره وانتظاره.

ويؤكد الحديث ما في الصحيح عن القاسم، عن عائشة أن رجلا طلق ثلاثا فتزوجت فطلق -يعني الثاني- فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أتحل للأول؟ قال: "لا، حتى يذوق [عسيلتها] كما ذاق الأول".




الخدمات العلمية