الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1211 الأصل

[ 1269 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندي دينار.

قال: "أنفقه على نفسك" قال: عندي آخر .

[ ص: 358 ] قال: أنفقه على ولدك. قال: عندي آخر.

قال: أنفقه على أهلك. قال: عندي آخر.

قال: أنفقه على خادمك. قال: عندي آخر.

قال: أنت أعلم.


قال سعيد: ثم يقول أبو هريرة إذا حدث بهذا الحديث: يقول ولدك: أنفق علي، إلى من تكلني، تقول زوجتك: أنفق علي أو طلقني، يقول خادمك: أنفق علي أو بعني .

التالي السابق


الشرح

أخرج أبو داود الحديث في "السنن" عن محمد بن كثير عن سفيان عن محمد بن عجلان بإسناده، واللفظ: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندي دينار.

قال: "تصدق به على نفسك".

قال: "عندي آخر. قال: تصدق به على ولدك".

قال: عندي آخر.

قال: "تصدق به على زوجتك". قال: عندي آخر.

قال: "تصدق به على خادمك". قال: عندي آخر.

قال: أنت أبصر.


[ ص: 359 ] وكأن المعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حث على صدقة التطوع فراجعه الرجل فيما عنده، فبين له أن الإنفاق في هذه الجهات أهم فإنها واجبة; وإنما يندب إلى الصدقة التطوع بعد أداء الواجبات، ثم قال أبو سليمان الخطابي: إذا تأملت الترتيب المذكور علمت أنه - صلى الله عليه وسلم - قدم الأولى فالأولى، فأمره أن يبدأ بنفسه ثم بولده; لأنه بعضه ولو ضيعه لم يجد من ينوب عنه في الإنفاق، وأخر الزوجة لأنه إذا لم يجد ما ينفقه عليها يفرق بينهما وكان لها من يمونها من زوج ومحرم ثم ذكر الخادم الذي يباع عند الإعسار فينفق عليه من يبتاعه، قال: وقياس هذا أن يقدم في صدقة الفطر الولد على الزوجة، والمعنى فيه أن نفقة الولد تجب بحق النسب، ونفقة الزوجة بحق النكاح، والنكاح قد ينقطع بالطلاق والنسب لا ينقطع.

وقول أبي هريرة "تقول زوجتك: أنفق علي أو طلقني" ذكر الشافعي أن فيه إشارة إلى أن لها أن تطلب التفريق بتعذر النفقة، ولا يمكن من إمساكها بلا نفقة كما لا يمكن من إمساك الخادم بلا نفقة.




الخدمات العلمية