الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1214 الأصل

[ 985 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا سفيان، عن محمد بن [ ص: 283 ] المنكدر أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي مالا وعيالا، وإن لأبي مالا وعيالا وإنه يريد أن يأخذ مالي فيطعمه عياله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنت ومالك لأبيك" . .

التالي السابق


الشرح

روى الشافعي هذا الحديث في الرسالة مرسلا هكذا، ويروى موصولا عن عبد الله بن نافع الصائغ عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله ، وروى أبو داود في السنن عن محمد بن كثير عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن عمارة بن عمير، عن عمته عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه".

ويروى عن عمارة بن عمير عن أمه عن عائشة ، وعن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه" ، وعن يزيد بن زريع عن حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله إن لي مالا وولدا، وإن والدي يجتاح مالي، قال: "أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من كسب أولادكم أورده أبو داود في [ ص: 284 ] السنن عن محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع.

واستدل بهذه الأخبار على وجوب نفقة الوالدين، قال الخطابي: وقوله: "يجتاح مالي" أي: يستأصله ويأتي عليه، يقال: جاحهم الزمان واجتاحهم: إذا أتى على أموالهم، قال: ويشبه أن يكون ما ذكره من اجتياح والده ماله إنما هو بسبب النفقة وأن مقدار ما تحتاج إليه النفقة شيء كثير لا يسعه فضل ماله بل يجتاح أصله، فلم يرخص له في ترك النفقة عليه وقال: "أنت ومالك لوالدك" أي: إذا احتاج إلى مالك أخذه وإن اجتاحه، وليس المراد أنه يباح له ماله على الإطلاق، ولا أعلم أحدا ذهب إليه من الفقهاء، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كل أحد أحق بماله من ولده ووالده والناس أجمعين" .

وعن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه وقد جاءه رجل فقال: إن أبي يريد أن يأخذ مالي كله فيجتاحه، فقال لأبيه: إن لك من ماله ما يكفيك، فقال: يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أليس قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت ومالك لأبيك" فقال: ارض منه بما رضي -عز وجل- .

[ ص: 285 ] ويروى: فقال: نعم.

وإنما يعني بذلك النفقة.




الخدمات العلمية