الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1083 الأصل

[ 1001 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه أنه أخبره أن العاص بن هشام هلك وترك بنين له ثلاثة [اثنان] لأم ورجل لعلة، فهلك أحد اللذين لأم وترك مالا وموالي فورثه أخوه الذي لأمه وأبيه ماله وولاء مواليه، ثم هلك الذي ورث المال وولاء الموالي [ ص: 296 ] وترك ابنه وأخاه لأبيه، فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي، وقال أخوه: ليس كذلك إنما أحرزت المال، فأما ولاء الموالي فلا، أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا؟

فاختصما إلى عثمان فقضى لأخيه بولاء الموالي .

التالي السابق


الشرح

قوله: "وترك بنين له ثلاثة" هذا هو الصواب، وقد يوجد في النسخ "بنين ستة".

وقوله: "ورجل لعلة" أي: لضرة، وأولاد العلات: أولاد الضرات من رجل واحد، أي: اثنان من أم والثالث من أم.

وإثبات الولاء للأخ دون الابن بعد هلاك الأخ الثاني هو معنى قولهم: الولاء للكبر، والكبر: جمع أكبر كحمر وأحمر، أي: الأقرب إلى الأب المعتق، وتروى هذه اللفظة عن عمر وعلي وعبد الله وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم- .

وعن الزهري مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "المولى أخ في الدين وأحق الناس بميراثه أقربهم من المعتق .

وتوريث الأخ من الأبوين من الميت الأول دون الأخ من الأب يوافق الصحيح في المسألة ويدل عليه، ولنا قول آخر: أن الأخ من الأبوين والأخ من الأب يتساويان; لأن قرابة الأم لا أثر لها في الولاء بحال .

[ ص: 297 ] وقوله: "أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه" أي: لو مات الأخ المعتق وخلفني وإياك وأنا أخوه من الأب، وأنت ابن أخيه من الأبوين لورثته أنا دونك، وأخذ الأصحاب من ذلك عبارة [ضابطة لمن] يرث بولاء المعتق إذا لم يكن المعتق حيا فقالوا: "يرث العتيق بولاء المعتق ذكر هو عصبة للمعتق لو مات المعتق يوم موت العتيق بصفة العتيق" حتى لو مات العتيق وللمعتق ابن وبنت أو أب وأم، فالميراث للذكر، ولو أعتق عبدا ومات عن ابنين فصار ولاء العتيق لهما، ثم مات أحدهما عن ابن; فولاء العتيق لأخيه وإن كان ميراثه لابنه; لأنه لو مات المعتق يوم موت العتيق كان عصبته ابنه دون ابن ابنه.

ولو مات المعتق عن ابنين ثم مات أحدهما عن ابن والآخر عن ابنين; فالولاء بينهم أثلاثا; لأنه لو مات المعتق يومئذ ورثوه كذلك.

ولو أعتق مسلم عبدا كافرا ومات عن ابنين مسلم وكافر ثم مات العتيق، فميراثه للابن الكافر; لأنه الذي يرث المعتق.

ولو مات المعتق بصفة الكفر ولو أسلم العتيق ثم مات فميراثه للابن المسلم، ولو أسلم الابن الكافر ثم مات العتيق مسلما فميراثه بينهما.




الخدمات العلمية