الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو ادعته امرأة ) واحدة ( ذات زوج ، فإن صدقها زوجها أو شهدت لها القابلة أو قامت بينة ) ولو رجلا وامرأتين على الولادة ( صحت ) دعوتها ( وإلا لا ) لما فيه من تحمل النسب على الغير ( وإن لم يكن لها زوج فلا بد من شهادة رجلين ; ولو ادعته امرأتان وأقامت إحداهما البينة فهي أولى به ، وإن أقامتا جميعا فهو ابنهما ) خلافا لهما الكل من الخانية ( وإن ) ادعاه خارجان و ( وصف أحدهما علامة به ) أي بجسده لا بثوبه ( ووافق فهو أحق ) إذا لم يعارضها أقوى منها ، كبينة الآخر وحريته وسبقه [ ص: 273 ] وسنه إن أرخا ، فإن اشتبه فبينهما وإسلامه ولو ادعى أحدهما أنه ابنه والآخر أنه ابنته فإذا هو خنثى ، فلو مشكلا قضي لهما وإلا فلمن ادعى أنه ابنه ، ولو شهد للمسلم ذميان وللذمي مسلمان قضي به للمسلم تتارخانية . ( و ) يثبت نسبه ( من ذمي و ) لكن ( هو مسلم ) استحسانا فينزع من يده قبيل عقل الأديان ما لم يبرهن بمسلمين أنه ابنه فيكون كافرا نهر ( إن لم يكن ) أي يوجد ( في مكان أهل الذمة ) كقريتهم أو بيعة أو كنيسة والمسألة رباعية ; لأنه إما أن يجده مسلم في مكاننا فمسلم ، أو كافر في مكانهم فكافر ، أو كافر في مكاننا أو عكسه فظاهر الرواية اعتبار المكان لسبقه اختيار

التالي السابق


( قوله : ولو رجلا وامرأتين ) لعله أتى بالمبالغة إشارة إلى أن قوله الآتي فلا بد من شهادة رجلين ليس المراد به الحصر في الرجلين بل المراد به نصاب الشهادة فهو نفي لقبول شهادة الفرد ، فلا ينافي قبول شهادة رجل وامرأتين ; لأن الشهادة على النسب لا يشترط فيها الرجال بخلاف نحو الحدود والقود فافهم ( قوله : على الغير ) أي على الزوج ; لأنه يلزم من ثبوته منها ثبوته منه ; لأن الولد للفراش ( قوله : فلا بد من شهادة رجلين ) ذكر في النهر أن هذا يخالف ما في المنية من أنها تصدق ولو ادعت أنه ابنها منه ا هـ . وذكر في الخانية الفرق بين هذا وبين قبول دعوى الرجل بلا بينة ، وهو أن في قبول قول الرجل دفع العار عن اللقيط ، وليس ذلك في دعوى المرأة فلا يقبل قولها بلا بينة ا هـ ولذا قبل قولها بتصديق الزوج وشهادة القابلة ; لأنه يثبت نسبه من الزوج فيندفع عنه العار أي عاره بكونه لا أب له فإنه مظنة كونه ابن زنا ( قوله : خلافا لهما ) فعندهما لا يكون لواحدة منهما ، لكن عن محمد روايتان : إحداهما كقول الإمام كما في البحر عن البدائع ( قوله : الكل من الخانية ) أي ما ذكر من مسائل دعوى المرأة والمرأتين ( قوله وإن ادعاه خارجان ) أي لا يد لأحدهما عليه ، وقيد به لما في البحر من أن ظاهر ما في الفتح تقديم ذي اليد على الخارج ذي العلامة ( قوله : أي بجسده ) أي كشامة وسلعة ( قوله : لا بثوبه ) ; لأن الثوب غير ملازم له فلا يفيد التعيين ط .

قلت : وهذا ذكره في النهر أخذا من مفهوم قول القدوري بجسده ( قوله : ووافق ) قيد به ; لأنه لو لم يوافق فلا ترجيح وهو ابنهما وكذا لو أصاب في البعض دون البعض أو وصفها ولم يصب واحد منهما ، أما لو أصاب أحدهما دون الآخر فهو لمن أصاب بحر عن الظهيرية ( قوله وسبقه ) أي لو كانت دعوى أحدهما سابقة على الآخر [ ص: 273 ] كان ابنه ولو وصف الثاني علامة لثبوته في وقت لا منازع له فيه . ا هـ . فتح . فعلم أن المراد السبق في الدعوى لا في وضع اليد ; لأن الكلام في الخارجين فافهم ( قوله : وحريته ) ذكره في النهر بحثا ( قوله : وسنه إن أرخا ، فإن اشتبه فبينهما ) هذا يوجد في بعض النسخ . قال في البحر : وفي الظهيرية : رجلان ادعياه وأرخت بينة كل منهما يقضي لمن يشهد له سن الصبي ، فلو السن مشتبها فعلى قولهما يسقط اعتبار التاريخ ويقضى لهما . وعلى قوله ، في رواية كذلك ، وفي أخرى لأسبقهما تاريخا . وفي التتارخانية : يقضى به بينهما في عامة الروايات ، وهو الصحيح ا هـ ملخصا وحيث كانت العلامة مرجحة فالظاهر اعتبارها هنا أيضا فيقضى به لذي العلامة . قال في الفتح : وكلما لم يترجح دعوى واحد من المدعيين يكون ابنا لهما . وعند الشافعي يرجع إلى القافة ( قوله : قضى لهما ) ; لأنه لم يظهر ترجيح أحدهما على الآخر فاستويا كما لو وصف به وصفا ولم يصب واحد منهما كما مر فافهم ( قوله : وإلا فلمن ادعى أنه ابنه ) مقتضاه ولو ظهر أنه أنثى ، وهو مخالف للمسائل المارة ، ولذا قال المقدسي : ينبغي أنه لمن وافق .

قلت : على أن الذي رأيته في التتارخانية : وإن لم يكن مشكلا وحكم بكونه ابنا فهو للذي يدعي أنه ابنه ا هـ وهذا لا إشكال فيه والشارح تبع في التعبير صاحب البحر ، وفيه اختصار مخل ( قوله : قضي به للمسلم ) ; لأن الذميين شهدا على ذمي والمسلمين على مسلم فصحت الشهادتان وترجح المسلم ا هـ ح ( قوله : استحسانا ) والقياس أن لا يثبت نسبه ; لأن فيه نفي إسلامه الثابت بالدار . وجه الاستحسان أن دعواه تضمنت شيئين : النسب وهو نفع للصغير ونفي الإسلام الثابت بالدار وهو ضرر به ، وليس من ضرورة ثبوت النسب من الكافر الكفر لجواز مسلم هو ابن كافر ، بأن أسلمت أمه فصححنا دعواه فيما ينفعه دون ما يضره فتح ( قوله : ما لم يبرهن ) وذكر ابن سماعة عن محمد : لو عليه زي أهل الشرك كصليب ونحوه فهو ابنه وهو نصراني فتح ( قوله : بمسلمين ) فلو أقام بينة من أهل الذمة لا يكون ذميا ; لأنا حكمنا بإسلامه فلا يبطل هذا الحكم بهذه البينة ; لأنها شهادة قامت في حق الدين على مسلم فلا تقبل بحر عن الخانية ( قوله : أو عكسه ) أي مسلم في مكانهم ( قوله فظاهر الرواية اعتبار المكان ) أي في الصورتين وفي بعض نسخ المبسوط اعتبر الواجد ، وفي بعضها اعتبر الإسلام أي ما يصير به الولد مسلما نظرا له ، ولا ينبغي أن يعدل عن ذلك . وقيل يعتبر بالسيما والزي فتح . وعلى ما رجحه في الفتح يصير مسلما في ثلاث صور ، وذميا في صورة واحدة وهي ما لو وجده ذمي في مكانهم وهو ظاهر الكنز وغيره . وقال في البحر أيضا : ولا يعدل عنه ( قوله : لسبقه ) أي سبق المكان على يد الواجد .




الخدمات العلمية