الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ما جاز إيراد العقد عليه بانفراده صح استثناؤه منه ) إلا الوصية بالخدمة يصح إفرادها دون استثنائها أشباه . فرع على هذه القاعدة بقوله : ( فصح استثناء ) قفيز من صبرة وشاة معينة من قطيع و ( أرطال معلومة من بيع تمر نخلة ) [ ص: 559 ] لصحة إيراد العقد عليها . ولو الثمر على رءوس النخل على الظاهر ( كصحة ) ( بيع بر في سنبله ) بغير سنبل البر لاحتمال الربا ، ( وباقلاء وأرز وسمسم في قشرها وجوز ولوز وفستق في قشرها الأول ) وهو الأعلى وعلى البائع إخراجه إلا إذا باع بما فيه . وهل له خيار الرؤية ؟ الوجه نعم فتح ، وإنما بطل بيع ما في ثمر وقطن وضرع [ ص: 560 ] من نوى وحب ولبن ; لأنه معدوم عرفا

التالي السابق


( قوله : ما جاز إيراد العقد عليه إلخ ) هذه قاعدة مذكورة في عامة المعتبرات مفرع عليها مسائل منها ما ذكر هنا منح ( قوله : صح استثناؤه منه ) أي من العقد كما هو مصرح به في عبارة الفتح ، وهذا أولى من جعل الضمير في منه راجعا للمبيع المعلوم من المقام فافهم ، ولا يصح إرجاعه إلى " ما " لأنها واقعة على المستثنى ، فيلزم استثناء الشيء من نفسه كما لا يخفى قال في الفتح وبيع قفيز من صبرة جائز فكذا استثناؤه بخلاف استثناء الحمل من الجارية أو الشاة وأطراف الحيوان لا يجوز كما لو باع هذه الشاة إلا أليتها أو هذا العبد إلا يده ، فيصير مشتركا متميزا بخلاف ما لو كان مشتركا على الشيوع فإنه جائز . ا هـ . أي كبيع العبد إلا نصفه مثلا لأنه غير متميز في جزء بعينه بل شائع في جميع أجزائه فيجوز . ( قوله : يصح إفرادها ) بأن يوصي بها وحدها بدون الرقبة ا هـ ح . ( قوله : دون الاستثناء ) بأن يوصي له بعبد دون خدمته . ا هـ .

ح وقيد بالخدمة ; لأن الحمل يصح استثناؤه في الوصية ، حتى يكون الحمل ميراثا والجارية وصية ، والفرق أن الوصية أخت الميراث ، والميراث يجري فيما في البطن بخلاف الخدمة ، والغلة كالخدمة بحر من البيع الفاسد . ( قوله : وشاة معينة من قطيع ) أما لو غير معينة فلا يجوز كثوب غير معين من عدل أفاده في البحر . [ ص: 559 ] قوله : وأرطال معلومة ) أفاد أن محل الاختلاف الآتي ما إذا استثنى معينا ، فإن استثنى جزءا كربع وثلث فإنه صحيح اتفاقا كما في البحر عن البدائع . قلت : وجهه أن ما يقدر بالرطل شيء معين ، بخلاف الربع مثلا فإنه غير معين ، بل هو جزء شائع كما قلنا آنفا ، ونظيره ما قدمناه عند قوله وفسد بيع عشرة أذرع من مائة ذراع من دار لا أسهم ، وقيد بالأرطال ; لأنه لو استثنى رطلا واحدا جاز اتفاقا ; لأنه استثناء القليل من الكثير بخلاف الأرطال لجواز أن لا يكون إلا ذلك القدر فيكون استثناء الكل من الكل بحر عن البناية ، ومقتضاه أنه لو علم أنه يبقى أكثر من المستثنى يصح ولو المستثنى أرطالا على رواية الحسن الآتية وهو خلاف ما يدل عليه كلام الفتح من تعليل هذه الرواية بأن الباقي بعد إخراج المستثنى ليس مشارا إليه ولا معلوم الكيل المخصوص ، فكان مجهولا وإن ظهر آخرا أنه بقي مقدار معين ; لأن المفسد هو الجهالة القائمة . ا هـ .

ومقتضاه الفساد باستثناء الرطل الواحد أيضا على هذه الرواية تأمل . ( قوله : لصحة إيراد العقد عليها ) أي على القفيز والشاة المعينة والأرطال المعلومة ، وهو تعليل لقوله فصح ، أفاد به دخول ما ذكر تحت القاعدة المذكورة . ( قوله : ولو الثمر على رءوس النخل ) فيصح إذا كان مجذوذا بالأولى لأنه محل وفاق . ( قوله : على الظاهر ) متعلق بقوله فصح ومقابل ظاهر الرواية رواية الحسن عن الإمام أنه لا يجوز ، واختاره الطحاوي والقدوري ; لأن الباقي بعد الاستثناء مجهول وفي الفتح أنه أقيس بمذهب الإمام في مسألة بيع الصبرة وأجاب عنه في النهر فراجعه . ( قوله : بغير سنبل البر ) متعلق ببيع والباء فيه للبدل قال الخير الرملي في حاشية البحر وسيأتي في الربا أن بيع الحنطة الخالصة بحنطة في سنبلها لا يجوز ، ويجب تقييده بما إذا لم تكن الحنطة الخالصة أكثر من التي في سنبلها ، وقد صرح بذلك في الخانية ، ويعلم بذلك أنه يجوز بيع التي في سنبلها معه بالأخرى التي في سنبلها معه صرفا للجنس إلى خلافه . ا هـ . وبه ظهر أن قول المصنف كبيع بر في سنبله إن أراد به بيع الحب فقط كما يشعر به قول الشارح الآتي وعلى البائع إخراجه ، فتقييده بقوله بغير سنبل البر احتراز عما إذا باعه بسنبل البر أي بالبر مع سنبله ، فإنه لا يجوز إذا لم يكن الحب الخالص أكثر .

أما إذا كان أكثر يكون الزائد بمقابلة التبن فيجوز ، وإن أراد به بيع البر مع السنبل ، فلا يصح تقييده بقوله بغير سنبله لما علمت من جواز بيعه بمثله بأن يجعل الحب في أحدهما بمقابلة التبن في الآخر . ( قوله : لاحتمال الربا ) تعليل للمفهوم ، وهو أنه لو بيع بسنبل البر لا يجوز لاحتمال أن يكون البر الذي بيع وحده مساويا للبر الذي بيع مع سنبله ، أو أقل فيكون الفضل ربا إلا إذا علم أن ما بيع وحده أكثر كما قلنا آنفا . ( قوله : وباقلاء ) هو القول بحر : على وزن " فاعلاء " يشدد فيقصر ، ويخفف فيمد الواحدة باقلاة في الوجهين مصباح . ( قوله : في قشرها الأول ) وكذا الثاني بالأولى ; لأن الأول فيه خلاف الشافعي . ( قوله : فعلى البائع إخراجه ) في البزازية لو باع حنطة في سنبلها لزم البائع الدوس والتذرية بحر . وكذا الباقلا وما بعدها . ( قوله : إلا إذا باع بما فيه ) عبارته في الدر المنتقى إلا إذا بيعت بما هي فيه ا هـ . وهي أوضح يعني إذا باع الحنطة بالتبن لا يلزم البائع تخليصه ط . ( قوله : الوجه نعم ) لأنه لم يره فتح وأقر في البحر والنهر .

( قوله : وإنما بطل إلخ ) قال : في الفتح وأورد المطالبة بالفرق بين ما إذا باع حب قطن في قطن بعينه ، أو نوى تمر في تمر بعينه أي باع ما في هذا القطن من الحب ، أو ما في هذا التمر من النوى فإنه لا يجوز [ ص: 560 ] مع أنه أيضا في غلافه ، أشار أبو يوسف إلى الفرق بأن النوى هناك معتبر عدما هالكا في العرف فإنه يقال هذا تمر وقطن ، ولا يقال هذا نوى في تمره ، ولا حب في قطنه ، ويقال : هذه حنطة في سنبلها ، وهذا لوز وفستق في قشره ، ولا يقال : هذه قشور فيها لوز ، ولا يذهب إليه وهم ، وبما ذكرنا يخرج الجواب عن امتناع بيع اللبن في الضرع واللحم والشحم في الشاة والألية والأكارع والجلد فيها والدقيق في الحنطة والزيت في الزيتون والعصير في العنب ونحو ذلك حيث لا يجوز ; لأن كل ذلك منعدم في العرف ، لا يقال : هذا عصير وزيت في محله وكذا الباقي . ا هـ . ( قوله : من نوى إلخ ) نشر مرتب ط .




الخدمات العلمية