الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 247 - 248 ] ( ولا يجوز أمان العبد المحجور عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أن يأذن له مولاه في القتال . وقال محمد رحمه الله يصح )

                                                                                                        وهو قول الشافعي رحمه الله .

                                                                                                        وأبو يوسف رحمه الله معه في رواية ، ومع أبي حنيفة رحمه الله في رواية .

                                                                                                        لمحمد رحمه الله قوله عليه الصلاة والسلام : { أمان العبد أمان }رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه ، ولأنه مؤمن ممتنع فيصح أمانه اعتبارا [ ص: 249 ] بالمأذون له في القتال وبالمؤبد من الأمان ، فالإيمان لكونه شرطا للعبادة والجهاد عبادة ، والامتناع لتحقق إزالة الخوف به والتأثير إعزاز الدين وإقامة المصلحة في حق جماعة المسلمين إذ الكلام في مثل هذه الحالة ، وإنما لا يملك المسايفة لما فيه من تعطيل منافع المولى ولا تعطيل في مجرد القول .

                                                                                                        ولأبي حنيفة رحمه الله أنه محجور عن القتال فلا يصح أمانه ; لأنهم لا يخافونه فلم يلاق الأمان محله ، بخلاف المأذون له في القتال ; لأن الخوف منه متحقق ولأنه إنما لا يملك المسايفة لما أنه تصرف في حق المولى على وجه لا يعرى عن احتمال الضرر في حقه .

                                                                                                        والأمان نوع قتال وفيه ما ذكرناه لأنه قد يخطئ بل هو الظاهر ، وفيه سد باب الاستغنام بخلاف المأذون لأنه رضي به والخطأ نادر لمباشرته القتال ، وبخلاف المؤيد لأنه خلف عن الإسلام فهو بمنزلة الدعوة إليه ، ولأنه مقابل بالجزية ولأنه مفروض عند مسألتهم ذلك وإسقاط العرض نفع فافترقا .

                                                                                                        ولو أمن الصبي وهو لا يعقل لا يصح كالمجنون وإن كان يعقل وهو محجور عن القتال فعلى الخلاف ، وإن كان مأذونا له في القتال فالأصح أنه يصح بالاتفاق ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السابع : قال عليه السلام : { أمان العبد أمان } ، رواه أبو موسى الأشعري [ ص: 249 ] قلت : غريب وروى عبد الرزاق في " مصنفه " حدثنا معمر عن عاصم بن سليمان عن فضيل بن يزيد الرقاشي ، قال : شهدت قرية من قرى فارس ، يقال لها : شاهرنا ، فحاصرناها شهرا ، حتى إذا كنا ذات يوم وطمعنا أن نصبحهم ، انصرفنا عنهم عند المقتل ، فتخلف عبد منا ، فاستأمنوه ، فكتب إليهم في سهم أمانا ، ثم رمى به إليهم ، فلما رجعنا إليهم خرجوا في ثيابهم ، ووضعوا أسلحتهم ، فقلنا : ما شأنكم ؟ فقالوا : أمنتمونا ، وأخرجوا إلينا السهم ، فيه كتاب أمانهم ، فقلنا : هذا عبد ، والعبد لا يقدر على شيء ، قالوا : لا ندري عبدكم من حركم ، وقد خرجنا بأمان ، فكتبنا إلى عمر ، فكتب عمر : إن العبد المسلم من المسلمين ، وأمانه أمانهم ، ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ، وزاد : وأجاز عمر أمانه انتهى .

                                                                                                        قال في " التنقيح " : وفضيل بن يزيد الرقاشي ، وثقه ابن معين ، قال : وقد روى البيهقي بإسناد ضعيف عن علي مرفوعا ، { ليس للعبد من الغنيمة شيء ، إلا خرثي المتاع ، وأمانه جائز ، وأمان المرأة جائز ، إذا هي أعطت القوم الأمان }انتهى .

                                                                                                        وأحاديث ذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم ، من هذا الباب .




                                                                                                        الخدمات العلمية