الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وإذا قتل رجل من أهل العدل باغيا فإنه يرثه فإن قتله الباغي ، وقال : قد كنت على حق وأنا الآن على حق ورثه ، وإن قال : قتلته وأنا أعلم أني على الباطل لم يرثه ، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله) وقال أبو يوسف رحمه الله : لا يرث الباغي في الوجهين وهو قول الشافعي رحمه الله ، وأصله .

                                                                                                        [ ص: 364 ] أن العادل إذا أتلف نفس الباغي أو ماله لا يضمن ولا يأثم لأنه مأمور بقتالهم دفعا لشرهم والباغي إذا قتل العادل لا يجب الضمان عندنا ; ويأثم وقال الشافعي رحمه الله في القديم : إنه يجب وعلى هذا الخلاف إذا تاب المرتد وقد أتلف نفسا أو مالا ، له أنه أتلف مالا معصوما أو قتل نفسا معصومة فيجب الضمان اعتبارا بما قبل المنعة ، ولنا إجماع الصحابة رضي الله عنهم رواه الزهري رحمه الله ولأنه أتلف عن تأويل فاسد والفاسد منه ملحق بالصحيح إذا ضمت إليه المنعة في حق الدفع كما في منعة أهل الحرب وتأويلهم ، وهذا لأن الأحكام لا بد فيها من الإلزام أو الالتزام ولا التزام لاعتقاد الإباحة عن تأويل ولا إلزام لعدم الولاية لوجود المنعة ، والولاية باقية قبل المنعة وعند عدم التأويل ثبت الالتزام اعتقادا بخلاف الإثم لأنه لا منعة في حق الشارع ، إذا ثبت هذا فنقول : قتل العادل الباغي قتل بحق فلا يمنع الإرث ، ولأبي يوسف رحمه الله في قتل الباغي العادل أن التأويل الفاسد إنما يعتبر في حق الدفع والحاجة هاهنا إلى استحقاق الإرث فلا يكون التأويل معتبرا في حق الإرث ولهما فيه أن الحاجة إلى دفع الحرمان أيضا إذ القرابة سبب الإرث ، فيعتبر الفاسد فيه إلا أن من شرطه بقاءه على ديانته فإذا قال : كنت على الباطل لم يوجد الدافع فوجب الضمان . .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : روى الزهري إجماع الصحابة يعني أن لا يضمن الباغي إذا قتل العادل ; قلت : روى عبد الرزاق في " مصنفه في أواخر القصاص " أخبرنا معمر أخبرني الزهري أن سليمان بن هشام كتب إليه يسأله عن امرأة خرجت من عند زوجها ، وشهدت على قومها بالشرك ، ولحقت بالحرورية ، فتزوجت ، ثم إنها رجعت إلى أهلها تائبة ، قال الزهري : فكتب إليه ، أما بعد : فإن الفتنة الأولى ثارت ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا كثير ، فاجتمع رأيهم على أن لا يقيموا على أحد حدا في فرج استحلوه بتأويل [ ص: 364 ] القرآن ، ولا قصاص في دم استحلوه بتأويل القرآن ، ولا يرد مال استحلوه بتأويل القرآن ، إلا أن يوجد شيء بعينه ، فيرد على صاحبه ، وإني أرى أن ترد على زوجها ، وأن يحد من افترى عليها انتهى ،




                                                                                                        الخدمات العلمية