الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ومن اشترى جارية بألف درهم حالة أو نسيئة فقبضها ثم باعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن الأول لا يجوز البيع الثاني ) وقال الشافعي رحمه الله : يجوز لأن الملك قد تم فيها بالقبض فصار البيع من البائع ومن غيره سواء وصار كما لو باع بمثل الثمن الأول أو بالزيادة أو بالعرض . ولنا قول عائشة رضي الله عنهالتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة : بئسما شريت واشتريت ، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع [ ص: 466 ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن لم يتب ولأن الثمن لم يدخل في ضمانه فإذا وصل إليه المبيع ووقعت المقاصة بقي له فضل خمسمائة وذلك بلا عوض ، بخلاف ما إذا باع بالعرض لأن الفضل إنما يظهر عند المجانسة .

                                                                                                        [ ص: 465 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 465 ] الحديث العاشر : قالت عائشة لتلك المرأة ، وقد باعت بستمائة بعدما اشترت بثمانمائة : بئس ما اشتريت وشريت ، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب ; قلت : أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر ، والثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة في نسوة ، فسألتها [ ص: 466 ] امرأة ، فقالت : يا أم المؤمنين كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى العطاء ، ثم ابتعتها منه بستمائة ، فنقدته الستمائة ، وكتبت عليه ثمانمائة ، فقالت عائشة : بئس ما [ ص: 467 ] اشتريت ، وبئس ما اشترى ، أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب ، فقالت المرأة لعائشة : أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل ، فقالت : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الدارقطني ، والبيهقي في " سننيهما " عن يونس بن أبي إسحاق الهمداني عن أمه العالية ، قالت : كنت قاعدة عند عائشة ، فأتتها أم محبة ، فقالت : إني بعت زيد بن أرقم جارية إلى عطائه ، فذكره بنحوه . قال الدارقطني : أم محبة ، والعالية مجهولتان لا يحتج بهما انتهى . وأم محبة بضم الميم وكسر الحاء هكذا ضبطه الدارقطني في " كتاب المؤتلف والمختلف " ، وقال : إنها امرأة تروي عن عائشة ، روى حديثها أبو إسحاق السبيعي عن امرأته العالية ، ورواه أيضا يونس بن إسحاق عن أمه العالية بنت أيفع عن أم محبة عن عائشة انتهى .

                                                                                                        وأخرجه أحمد في " مسنده " حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة هي ، وأم ولد زيد بن أرقم ، فقالت أم ولد زيد لعائشة : إني بعت من زيد غلاما بثمانمائة درهم نسيئة ، واشتريت بستمائة نقدا ، فقالت : أبلغي زيدا أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب ، بئس ما اشتريت ، وبئس ما شريت انتهى .

                                                                                                        قال في " التنقيح " : هذا إسناد جيد ، وإن كان الشافعي قال : لا يثبت مثله عن عائشة ، وكذلك الدارقطني ، قال في العالية : هي مجهولة ، لا يحتج بها ، فيه نظر ، فقد خالفه غيره ، ولولا أن عند أم المومنين علما من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا الكلام بالاجتهاد ، انتهى .

                                                                                                        وقال ابن الجوزي : قالوا : العالية امرأة مجهولة لا يقبل خبرها ، قلنا : بل هي امرأة معروفة جليلة القدر ، ذكرها ابن سعد في " الطبقات " ، فقال : العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي سمعت من عائشة انتهى كلامه . أحاديث الباب :

                                                                                                        وفي تحريم العينة أحاديث ، " والعينة " بيع سلعة بثمن مؤجل ، ثم [ ص: 4 68 ] يعود فيشتريها بأنقص منه حالا : أخرج أبو داود في " سننه " عن أبي عبد الرحمن الخراساني عن عطاء الخراساني عن نافع عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم }" انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد ، وأبو يعلى الموصلي ، والبزار في " مسانيدهم " قال البزار : وأبو عبد الرحمن هذا هو عندي إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، وهو لين الحديث انتهى .

                                                                                                        قال ابن القطان في " كتابه " : وهذا وهم من البزار ، إنما اسم هذا الرجل إسحاق بن أسد أبو عبد الرحمن الخراساني ، يروي عن عطاء ، روى عنه حيوة بن شريح ، وهو يروي عنه هذا الخبر ، وبهذا ذكره ابن أبي حاتم ، وليس هذا بإسحاق بن أبي فروة ، ذاك مديني ، ويكنى أبا سليمان ، وهذا خراساني ، ويكنى أبا عبد الرحمن ، وأيهما كان فالحديث من أجله لا يصح ، ولكن للحديث طريق أحسن من هذا ، رواه الإمام أحمد في " كتاب الزهد " حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح عن { ابن عمر ، قال : أتى علينا زمان ، وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم ، ثم أصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا ضن الناس بالدينار والدرهم ، وتبايعوا بالعينة ، واتبعوا أذناب البقر ، وتركوا الجهاد في سبيل الله ، أنزل الله بهم ذلا ، فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم }" انتهى . قال : وهذا حديث صحيح ثقات انتهى .

                                                                                                        حديث آخر :

                                                                                                        رواه أحمد في " مسنده " حدثنا يزيد بن هارون عن أبي جناب عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحوه .




                                                                                                        الخدمات العلمية