الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولا بأس ببيع من يزيد ) وتفسيره ما ذكرنا ، وقد صح " { أن النبي عليه الصلاة والسلام باع قدحا وحلسا ببيع من يزيد }" ولأنه بيع الفقراء والحاجة ماسة إليه ( نوع منه ) .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السابع عشر : قال المصنف : وقد صح { أن النبي صلى الله عليه وسلم باع قدحا وحلسا ببيع من يزيد }; قلت : رواه أصحاب السنن الأربعة : فأبو داود في " الزكاة " ، وابن ماجه في " التجارات " عن عيسى بن يونس عن الأخضر بن عجلان عن أبي بكر عبد الله الحنفي عن أنس بن مالك { أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ، فقال له : ما في بيتك شيء ؟ [ ص: 482 ] قال : بلى ، حلس يلبس بعضه ، ويبسط بعضه ، وقعب يشرب فيه الماء ، قال : آتني بهما ، فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : من يشتري هذين ؟ فقال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، قال : من يزيد على درهم ؟ مرتين أو ثلاثا ، فقال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فأعطاهما إياه ، وأخذ الدرهمين ، فأعطاهما الأنصاري ، وقال : اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوما ، فأتني به ، فأتاه به ، فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ، ثم قال له : اذهب فاحتطب ، وبع ، ولا أرينك خمسة عشر يوما ، فذهب الرجل يحتطب ويبيع ، فجاء ، وقد أصاب عشرة دراهم ، فاشتري ببعضها ثوبا ، وببعضها طعاما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة ، لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع } ، انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الترمذي عن عبيد الله بن شميط بن عجلان عن الأخضر بن عجلان به ، مختصرا ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا فيمن يزيد }انتهى .

                                                                                                        وكذلك أخرجه النسائي عن المعتمر بن سليمان ، وعيسى بن يونس عن الأخضر بن عجلان به ، مختصرا قال الترمذي : حديث حسن ، لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان عن عبد الله الحنفي ، وقد رواه غير واحد عن الأخضر بن عجلان انتهى .

                                                                                                        وقال في " علله الكبير " : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث ، فقال : الأخضر بن عجلان : ثقة ، وأبو بكر الحنفي اسمه عبد الله انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " حدثنا يحيى بن سعيد عن الأخضر بن عجلان به ; ورواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " حدثنا النضر بن إسماعيل عن الأخضر بن عجلان به ; ورواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن هارون بن مسلم بن هرمز عن الأخضر بن عجلان به ; ورواه الترمذي في " علله الكبير " حدثنا علي بن سعيد الكندي ثنا معتمر بن سليمان عن الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك عن رجل من الأنصار { أن النبي صلى الله عليه وسلم باع حلسا ، وقدحا ، فيمن يزيد }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه " حدثنا المعتمر بن سليمان به سندا ومتنا ، قال ابن القطان في " كتابه " : وهذا اللفظ يعطي أن أنسا لم يشاهد القصة ، [ ص: 483 ] ولا سمع ما فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم فالله أعلم أن تلك الرواية مرسلة أو لا ، قال : والحديث معلول بأبي بكر الحنفي ، فإني لا أعرف أحدا نقل عدالته ، فهو مجهول الحال ، وإنما حسن الترمذي حديثه على عادته في قبول المشاهير ، وقد روى عنه جماعة ليسوا من مشاهير أهل العلم ، وهم عبد الرحمن ، وعبيد الله بن شميط ، وعمهما الأخضر بن عجلان ، والأخضر ، وابن أخيه عبيد الله ثقتان ، وأما عبد الرحمن فلا يعرف حاله انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية