الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن كانت ببلاد كفار ) أهل ذمة ( فلهم ) ولو غير مكلفين ( إحياؤها ) لأنه من حقوق دارهم ( وكذا المسلم ) له ذلك ( إن كانت مما لا يذبون ) بكسر المعجمة وضمها أي يدفعون ( المسلمين عنه ) كموات دارنا بخلاف ما يذبون عنه ، وقد صولحوا على أن الأرض لهم فليس له إحياؤه أما ما بدار الحرب فيملك بالإحياء مطلقا ؛ لأنه يجوز تملك عامرها فمواتها أولى ولو لغير قادر على الإقامة بها وكان ذكرهم للإحياء ؛ لأن الكلام فيه وإلا فالقياس ملكه بمجرد الاستيلاء عليه بقصد تملكه كما يعلم من صريح كلامهم الآتي في السير فما اقتضاه كلام شارح أنه بالاستيلاء يصير كالمتحجر غير صحيح ؛ لأن العامر إذا ملك بذلك فالموات أولى

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وقد صولحوا إلخ ) هذا القيد ذكره السبكي قال وكذا لو كانت أرض هدنة بر ( قوله مطلقا ) أي ذبوا أو لا ( قوله وإلا فالقياس إلخ ) ثم قوله فما اقتضاه كلام شارح إلخ فيهما نظر ؛ لأن موات دار الحرب غايته أنه كموات دار الإسلام في كونه مباحا وذلك لا يقتضي تملكه بدون إحياء كموات دار الإسلام وإنما ملك عامر دار الحرب بالاستيلاء ؛ لأنه مملوك لهم فملك بالاستيلاء بخلاف الموات فإنه غير مملوك لأحد فلا يملك بالاستيلاء وعبارة الروضة القسم الثاني أرض بلاد الكفار ولها ثلاثة أحوال إلى أن قال الحال الثاني أن لا تكون معمورة في الحال ولا من قبل فيتملكها الكفار بالإحياء وأما المسلمون فينظر إن كان مواتا لا يذبون المسلمين عنه فلهم تملكه بالإحياء ولا يملك بالاستيلاء ؛ لأنه غير مملوك لهم حتى يملك عليهم ، وإن ذبوا عنه المسلمين لم يملك بالإحياء كالمعمور من بلادهم فلو استولينا عليه ففيه أوجه أصحها أنه يفيد اختصاصا كاختصاص التحجر ؛ لأن الاستيلاء أبلغ منه وعلى هذا فسيأتي إن شاء الله تعالى خلاف في أن التحجر هل يفيد جواز البيع إن قلنا نعم فهو غنيمة كالمعمور ، وإن قلنا لا وهو الأصح فالغانمون أحق بإحياء أربعة أخماسه وأهل الخمس أحق بإحياء خمسه إلى أن قال والوجه الثاني أنهم يملكونه بالاستيلاء كالمعمور والثالث لا يفيد ملكا ولا اختصاصا بل هو كموات دار الإسلام من أحياه ملكه انتهى فانظر هذا الكلام المفروض في أرض الحرب كما يصرح به كونه ذكر حكم البلد المفتوحة صلحا على أن يكون لنا ويسكنونها بجزية أو على أن يكون لهم في فرع بعد ذلك وبين عن الشق الثاني أن مواتها يختصون بإحيائه

                                                                                                                              وكما يصرح به قوله فالغانمون أحق بإحياء أربعة أخماسه إذ لا [ ص: 204 ] يكونون غانمين إلا بالنسبة لدار الحرب وقوله والوجه الثاني أنهم يملكونه بالاستيلاء فإنه لا يأتي في أرض الهدنة والصلح كما لا يخفى إذ كيف صرح فيما لا يذبون عنه بأنه يملك بالإحياء وبأنه لا يملك بالاستيلاء وعلله بأنه غير مملوك لهم وفيما يذبون عنه بأنه لا يملك بالإحياء وبأن الاستيلاء عليه إنما يفيد مجرد الاختصاص والتحجر ثم حكى وجها ضعيفا أنه يملك بالاستيلاء كالمعمور فإن هذا كله نص فيما اقتضاه كلام ذلك الشرح ومانع من القياس المذكور وأما ما في التكملة من قوله وافهم أنهم إذا كانوا يذبون عنها فليس لنا إحياؤها كالعامر من بلادهم وبه صرح في المحرر

                                                                                                                              واستشكله بعضهم بأنهم ذكروا في السير أن عامر دار الحرب يملك بالاستيلاء ومواتها حينئذ يفيد اختصاصا كالتحجر فكيف لا يملك بالإحياء وأجيب بأن صورة المسألة في أرض صولحوا على أنها لهم أو في أرض الهدنة إلخ ما ذكره فأقول ما ذكره فيه عن الإشكال ليس بذاك ؛ لأن معنى قول المحرر كغيره هنا إنه ليس لنا إحياؤها أنها لا تملك بمجرد الإحياء وهذا لا ينافي ثبوت حق التحجر بالاستيلاء الذي أفاده ما في السير وحينئذ لا حاجة إلى مخالفة ظاهر الكلام بحمل المسألة على أرض الصلح أو الهدنة فليتأمل فالحاصل في موات دار الحرب أنه عند عدم الذب يملك بالإحياء دون مجرد الاستيلاء كما يقتضيه كونه بالاستيلاء كالتحجر كما صرح به كلام الروضة المذكور فتأمله وعلى هذا لا حاجة إلى حمل المتن على أرض الصلح بل يجوز حمله على أرض الحرب فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أهل ذمة ) عبارة المغني وسم دار حرب وغيرها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بكسر المعجمة ) إلى قوله وكان ذكرهم في المغني ( قوله كموات دارنا ) أي قياسا عليه ( قوله وقد صولحوا إلخ ) هذا القيد ذكره السبكي قال ولو كانت أرض هدنة بر ا هـ سم ( قوله على أن الأرض لهم إلخ ) فإن صالحناهم على أن البلد لنا وهم يسكنون بجزية فالمعمور منها فيء ومواتها الذي يذبون عنه يتحجر لأهل الفيء عن الأصح فيحفظه الإمام لهم فلا تكون فيئا في الحال فإن فني الذميون فكنائسهم في دار الإسلام كسائر أموالهم التي فنوا عنها ولا وارث لهم ا هـ مغني ( قوله مطلقا ) أي دفعونا عنه أو لا ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله فالقياس ملكه بمجرد الاستيلاء إلخ ) خلافا للنهاية والمغني والروض وشرحه عبارة المغني ولا يملكها بالاستيلاء ؛ لأنها غير مملوكة لهم حتى يملك عليهم وإذا استولينا عليها وهم لا يذبون عنها فالغانمون أحق بإحياء أربعة أخماسها وأهل الخمس بإحياء الخمس فإن أعرض كل الغانمين عن إحياء ما يخصهم فأهل الخمس أحق به اختصاصا كالمتحجر ا هـ وعبارة سم قوله وإلا فالقياس إلخ ثم قوله فما اقتضاه كلام شارح إلخ فيهما نظر ؛ لأن موات دار الحرب غايته أنه كموات دار الإسلام في كونه مباحا ، وذلك لا يقتضي تملكه بدون إحياء كموات دار الإسلام وإنما ملك عامر دار الحرب بالاستيلاء ؛ لأنه مملوك لهم فملك بالاستيلاء بخلاف الموات فإنه غير مملوك لأحد فلا يملك بالاستيلاء ثم قال بعد سرد عبارة الروضة فانظر هذا الكلام فإنه نص فيما اقتضاه كلام ذلك الشارح ومانع من القياس المذكور إلى أن قال فالحاصل في موات دار الحرب أنه عند عدم الذب يملك بالإحياء دون مجرد الاستيلاء ، ولو مع قصد التملك وعند الذب لا يملك بمجرد الإحياء بل الإحياء بعد الاستيلاء وعلى هذا لا حاجة إلى حمل المتن على أرض الصلح بل يجوز حمله على أرض الحرب ا هـ وعبارة السيد عمر قوله كما اقتضاه كلام الشارح إلخ ما اقتضاه كلام الشارح المذكور هو المصحح في أصل الروضة هنا من ثلاثة أوجه ثانيها أنهم يملكونه بالاستيلاء كالمعمور ثالثها لا يفيد الاستيلاء ملكا ولا اختصاصا فليراجع قوله كما يعلم إلخ ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية