الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يشتري للقراض ) بغير جنس رأس ماله فإن كان ذهبا ووجد سلعة تباع بدراهم باع الذهب بدراهم ثم اشترى بها السلعة ولا ثمن المثل ما لا يرجو ربحه أي أبدا أو مدة طويلة عرفا بحيث يشق بقاؤه إليها فيما يظهر ولا ( بأكثر من رأس المال ) والربح بغير إذن المال إذ ظاهر المتن عود بغير إذنه إلى هذه أيضا وهو متجه ، وإن قال الأذرعي : لم أره نصا وذلك ؛ لأن المالك [ ص: 96 ] لم يرض به فإن فعل فسيأتي ( ولا من يعتق على المالك ) لكونه بعضه أو أقر أو شهد ولم يقبل بحريته أو مستولدته وبيعت لنحو رهن ( بغير إذنه ) ؛ لأن القصد الربح وهذا خسران فإن أذن صح ثم إن لم يكن في المال ربح عتق على المال ، وكذا إن كان في ربح فيعتق على المالك ويغرم نصيب العامل من الربح ، ولو أعتق المالك عبدا من مال القراض فكذلك ( ، وكذا زوجه ) أي المالك الذكر أو الأنثى لا يشتريه بغير إذنه ( في الأصح ) لإضرار المالك بانفساخ نكاحه أما لو اشترى العامل من يعتق عليه وزوجه فإن كان بالعين ولا ربح لم يعتق عليه ولم ينفسخ النكاح ، وكذا إن كان في الذمة واشترى للقراض ( ولو فعل ) ما منع منه من نحو الشراء بأكثر من رأس المال وشراء نحو بعض المالك وزوجه ( لم يقع للمالك ويقع للعامل إن اشترى في الذمة ) وإن صرح بالسفارة لما مر في الوكالة أما إذا اشترى بالعين فيبطل التصرف من أصله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن ولا يشتري للقراض إلخ ) هل شرطه عدم الإذن أيضا كما هو قياس ما بعده ( قوله بغير جنس رأس ماله ) أي مع بقائه فلو باعه بجنس آخر جاز الشراء بذلك الآخر كما هو ظاهر وهو حينئذ نظير ما ذكره بقوله باع الذهب بدراهم إلخ

                                                                                                                              ( فرع ) هل للعامل الكافر شراء المصحف للقراض الذي يتجه الصحة إن صححنا شراء الوكيل الكافر المصحف لموكله المسلم لوقوع الملك للموكل دونه ولا يعارض ذلك أنه يملك حصته من الربح بشرطه فيلزم أن يملك جزءا من المصحف ؛ لأن حصول الربح أمر مستقبل غير لازم للعقد على أنه لا يملك حصته من الربح بمجرد حصول الربح على الصحيح وظاهر أنه يمتنع قسمة المصحف ، وإلا لزم ملكه جزءا منه وهو ممتنع نعم يمكن التوصل لملك حصته من الربح بنضوض المال مع فسخ العقد فإن ذلك من الطرق التي تحصل ملك الحصة واستقراره بها فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله في المتن ولا من يعتق على المالك بغير إذنه وكذا زوجه ) قال في العباب فإن اشتراهما بإذن المالك انفسخ النكاح ولا يرتفع القراض مطلقا وعتق [ ص: 96 ] المبيع على المالك ثم إن لم يظهر ربح ارتفع القراض أو اشترى بكل ماله وإلا فباقيه رأس مال وللعامل أجرة مثله ، وإن ظهر ربح غرم المالك للعامل نصيبه ، وكذا الحكم إذا أعتق عبد القراض . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بحريته ) تنازع فيه أقر وشهد ش ( قوله أما لو اشترى العامل من يعتق عليه وزوجه إلخ ) عبارة الروض فرع اشترى العامل للقراض أباه ، ولو في الذمة والربح ظاهر صح ولم يعتق . ا هـ وهي تفيد عدم العتق في الشراء بالعين وفي الذمة ، ولو مع وجود الربح بخلاف عبارة الشارح وقضية ذلك أنه لو اشترى زوجه للقراض صح ولم ينفسخ نكاحه ويتجه أن له الوطء لبقاء الزوجية لعدم ملكه لشيء منها واستحقاقه الوطء قبل الشراء فيستصحب ولا يعارض ذلك أنه يحرم على العامل وطء أمة القراض ؛ لأن ذاك في الوطء من حيث القراض والوطء هنا بزوجية ثابتة ( قوله عليه ) أي العامل ، وكذا قوله زوجه ش ( قوله من نحو الشراء بأكثر من رأس المال ) ظاهره البطلان في الكل لا في الزائد بخلاف عبارة شرح الروض ؛ لأنه قال فإن اشترى بأكثر منه لم يقع ما زاد عن جهة القراض إلخ . ا هـ وهو شامل لنحو شراء عبد بعشرين ، ورأس المال عشرة ( قوله في المتن ويقع للعامل إلخ ) هل محل الوقوع للعامل ما لم يذكر أنه للقراض ويصدقه البائع وإلا بطل الشراء كما في نظائر ذلك من الوكالة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بغير جنس ) إلى التنبيه في النهاية ( قوله بغير جنس رأس ماله ) أي مع بقائه فلو باعه بجنس آخر جاز الشراء بذلك الآخر كما هو ظاهر بل معلوم من قوله باع الذهب بدرهم إلخ ( فرع )

                                                                                                                              هل للعامل الكافر شراء المصحف للقراض يتجه الصحة إن صححنا شراء الوكيل الكافر المصحف لموكله المسلم ولا يعارض ذلك أنه يلزم أن يملك من المصحف بقدر حصته من الربح ؛ لأن حصوله أمر مستقبل غير لازم للعقد سم على حج . ا هـ ع ش ( قوله بقائه ) أي القراض ( قوله ولا بأكثر من رأس المال والربح ) فإن فعل لم يقع الزائد لجهة القراض . ا هـ شرح المنهج زاد المغني والروض مع شرحه فلو كان رأس المال وحده أو مع ربحه مائة فاشترى عبدا بمائة ثم اشترى آخر بعين المائة فالثاني باطل سواء اشترى الأول بالعين أم في الذمة ؛ لأنه إن اشتراه بالعين فقد صارت ملكا للبائع بالعقد الأول ، وإن اشترى في الذمة فقد صارت مستحقة الصرف للعقد الأول ، وإن اشترى الثاني في الذمة وقع للعامل حيث يقع للوكيل إذا خالف . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله والربح ) إلى قول المتن لم يقع للمالك في المغني إلا قوله فإن فعل فسيأتي وقوله ولا ربح ( قوله إذ ظاهر المتن عود بغير إذنه إلخ ) وهو صريح شرح المنهج [ ص: 96 ] قوله لم يرض به ) عبارة شرحي الروض والمنهج لم يأذن في تملك الزائد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لكونه بعضه إلخ ) مفهومه أنه يشتري ذوي الأرحام وينبغي خلافه إذا كان هناك حاكم يرى عتقهم عليه لاحتمال دفعه إليه فيعود عليه الضرر . ا هـ ع ش ( قوله بحريته ) تنازع فيه أقر وشهد ش . ا هـ سم ( قوله وما بقي هو رأس المال ) أي إن بقي شيء ، وإلا ارتفع القراض مغني وشرح الروض زاد سم عن العباب وللعامل أجرة مثله . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويغرم نصيب العامل ) أي فيستقر للعامل بقدر ما يخصه من الربح فيأخذه مما بقي في يده من المال فلو لم يبق بيد العامل شيء بأن كان ثمن العبد جميع مال القراض وكان المالك معسرا بما يخص العامل فينبغي عدم نفوذ العتق في قدر نصيب العامل . ا هـ ع ش ( قوله : ولو أعتق المالك إلخ ) وليس للمالك ولا للعامل أن ينفرد بكتابة عبد القراض فإن كاتباه صح فالنجوم قراض فإن عتق وثم ربح شارك العامل المالك في الولاء بقدر ما له من الربح فإن لم يكن ثم ربح فالولاء للمالك مغني وروض مع شرحه ( قوله الذكر أو الأنثى ) بدل من الزوج ( قوله أما لو اشترى العامل إلخ ) عبارة الروض ( فرع )

                                                                                                                              اشترى العامل للقراض أباه ، ولو في الذمة والربح ظاهر صح ولم يعتق عليه . ا هـ وهي تفيد عدم العتق في الشراء بالعين وفي الذمة ولو مع وجود الربح بخلاف عبارة الشارح سم على حج . ا هـ ع ش ويفيده أيضا قول شرح المنهج فله أي للعامل شراؤهما أي زوجه ومن يعتق عليه للقراض ، وإن ظهر ربح ولا ينفسخ نكاحه ولا يعتق عليه كالوكيل يشتري زوجه ومن يعتق عليه لموكله . ا هـ ، وكذا يفيده صنيع المغني حيث حذف قيد : ولا ربح ( قوله ولم ينفسخ النكاح ) ويتجه أن له الوطء لبقاء الزوجية لعدم ملكية شيء منها واستحقاقه الوطء قبل الشراء فيستصحب ولا يعارض ذلك أنه يحرم على العامل وطء أمة القراض ؛ لأن ذاك في الوطء من حيث القراض والوطء هنا بزوجية ثابتة سم على حج . ا هـ ع ش ( قوله من نحو الشراء إلخ ) أي كالشراء بغير جنس رأس المال والشراء لمن أقر المالك بحريته قول المتن ( ويقع للعامل إلخ ) هل محل الوقوع للعامل ما لم يذكر أنه للقراض ويصدقه البائع وإلا بطل الشراء كما في نظائر ذلك من الوكالة . ا هـ سم ويؤيده قولهم هنا لما مر في الوكالة وقولهم المار في شرح وللمالك الرد وفي وقوعه له التفصيل السابق في الوكيل إلخ ( قوله أما إذا اشترى بالعين إلخ ) ، وكذا إن اشترى في الذمة بشرط أن ينقد الثمن من مال القراض قاله الروياني . ا هـ مغني وفيه تأييد لما مر آنفا ( قوله فيبطل التصرف إلخ ) ظاهره البطلان في الكل في الشراء بأكثر من رأس المال لا في الزائد فقط بخلاف عبارة شرح الروض . ا هـ سم و ع ش أقول ومثلها عبارة المغني وشرح المنهج كما مر فينبغي حمل كلام الشارح والنهاية على ذلك أو على اتحاد العقد عبارة البجيرمي قوله ولا يصح الشراء في الزائد أي والصورة أن العقد تعدد ، وإلا فلا يصح في الجميع . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية