باب الغيبة قال الله عز وجل: ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا الآية.
أخبرنا أبو سعيد محمد بن إبراهيم بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل، قال: حدثنا قال: حدثنا علي بن الحسن، إسحاق بن عيسى بن بنت داود بن أبي هند، قال: حدثنا عن محمد بن أبي حميد، عن موسى بن وردان، أبي هريرة: أن رجلا قام وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك جالس، فقال بعض القوم: ما أعجز فلانا، فقال صلى الله عليه وسلم: أكلتم أخاكم واغتبتموه"
وأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: من مات تائبا من الغيبة فهو آخر من يدخل الجنة، ومن مات مصرا عليها ، فهو أول من يدخل النار. وقال عوف: دخلت على فتناولت ابن سيرين الحجاج فقال إن الله تعالى حكم عدل فكما يأخذ من ابن سيرين: الحجاج يأخذ للحجاج وإنك إذا لقيت الله عز وجل غدا كان أصغر ذنب أصبته أشد عليك من أعظم ذنب أصابه الحجاج.
وقيل: دعي إلى دعوة فحضر فذكروا رجلا لم يأتهم فقالوا إنه ثقيل فقال إبراهيم بن أدهم إبراهيم: إنما فعل بي هذا نفسي حيث حضرت موضعا يغتاب فيه الناس فخرج ولم يأكل ثلاثة أيام.
وقيل: يغتاب واحدا خراسانيا وآخر حجازيا وآخر تركيا فيفرق حسناته ويقوم ولا شيء معه. [ ص: 292 ] وقيل: يؤتى العبد يوم القيامة كتابه فلا يرى فيه حسنة ، فيقول: أين صلاتي وصيامي وطاعاتي؟ فيقال: ذهب عملك كله باغتيابك للناس. وقيل: من اغتيب بغيبة غفر الله تعالى له نصف ذنوبه. وقال مثل الذي يغتاب الناس كمثل من نصب منجنيقا يرمي به حسناته شرقا وغربا كنت جالسا عند سفيان بن الحسين: فنلت من إنسان فقال: هل غزوت العام إياس بن معاوية الترك والروم؟ قلت: لا. فقال: سلم منك الترك والروم، وما سلم منك أخوك المسلم.
وقيل: يعطى الرجل كتابه فيرى فيه حسنات لم يعملها فيقال له: هذا بما اغتابك الناس وأنت لم تشعر. وسئل عن قوله صلى الله عليه وسلم سفيان الثوري إن الله يبغض أهل البيت اللحميين، فقال: هم الذين يغتابون الناس يأكلون لحومهم. وذكرت الغيبة عند فقال: لو كنت مغتابا أحدا لاغتبت والدي لأنهما أحق بحسناتي. وقال عبد الله بن المبارك، ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال إن لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تسره فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه. وقيل يحيى بن معاذ: للحسن البصري: إن فلانا اغتابك فبعث إليه طبق حلواء، وقال بلغني أنك أهديت إلي حسناتك فكافأتك.
أخبرنا قال: أخبرنا علي بن أحمد الأهوازي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد البصري، أحمد بن عمرو القطواني، قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري، قال: حدثنا عن الربيع بن بدر، أبان، عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك، "من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له".
سمعت يقول: سمعت حمزة بن يوسف السهمي، أبا طاهر محمد بن أسيد الرقي، يقول: سمعت جعفر بن محمد بن نصير، يقول: قال كنت جالسا في الجنيد: مسجد الشونيزية أنتظر جنازة أصلي عليها وأهل بغداد على [ ص: 293 ] طبقاتهم جلوس ينتظرون الجنازة فرأيت فقيرا عليه أثر النسك يسأل الناس فقلت في نفسي: لو عمل هذا عملا يصون به نفسه كان أجمل به فلما انصرفت إلى منزلي، وكان لي شيء من الورد بالليل حتى البكاء والصلاة وغير ذلك فثقل علي جميع أورادي فسهرت وأنا قاعد فغلبتني عيناي فرأيت ذلك الفقير جاءوا به على خوان ممدود وقالوا لي كل لحمه فقد اغتبته وكشف لي عن الحال فقلت: ما اغتبته إنما قلت في نفسي شيئا فقيل لي: ما أنت ممن يرضى منك بمثله اذهب فاستحله فأصبحت ولم أزل أتردد حتى رأيته في موضع يلتقط من الماء عند تزايد الماء أوراقا من البقل مما تساقط من غسل البقل فسلمت عليه فقال: يا أبا القاسم تعود؟ فقلت لا فقال: غفر الله تعالى لنا ولك.
سمعت الشيخ يقول: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي أبا طاهر الإسفرايني يقول: سمعت أبا جعفر البلخي يقول: كان عندنا شاب من أهل بلخ وكان يجتهد ويتعبد إلا أنه كان أبدا يغتاب الناس يقول: فلان كذا وفلان كذا فرأيته يوما عند المخنثين الغسالين خرج من عندهم فقلت: يا فلان ما حالك؟ فقال: تلك الوقيعة في الناس أوقعتني إلى هذا ابتليت بمخنث من هؤلاء وأنا هو ذا أخدمهم من أجله وتلك الأحوال كلها قد ذهبت فادع الله أن يرحمني. [ ص: 294 ]