باب الاستقامة قال الله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا
أخبرنا الإمام أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك رحمه الله تعالى قال : حدثنا قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد الأصبهاني أبو بشر يونس بن حبيب قال حدثنا قال : حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة الأعمش عن سالم بن أبي الجعد ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : واعلموا أن استقيموا ولن تحصوا ، خير دينكم الصلاة ، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن عن
قال الأستاذ : الاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها ، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها ومن لم يكن مستقيما في حالته ضاع سعيه وخاب جهده قال الله تعالى : ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ومن لم يكن مستقيما في صفته لم يرتق من مقامه إلى غيره ولم يبين سلوكه على صحة فمن شرط المستأنف الاستقامة في أحكام البداية كما أن من حق العارف الاستقامة في آداب النهاية فمن أمارات استقامة أهل البداية أن لا تشوب معاملتهم فترة ومن أمارات استقامة أهل الوسايط أن لا يصحب منازلتهم وقفة ومن أمارات استقامة أهل النهاية أن لا تتداخل مواصلتهم حجبة ،
سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول أولها [ ص: 357 ] التقويم ثم الإقامة ثم الاستقامة فالتقويم من حيث تأديب النفوس والإقامة من حيث تهذيب القلوب والاستقامة من حيث تقريب الأسرار ، الاستقامة لها ثلاثة مدارج :
وقال رضي الله عنه في أبو بكر الصديق ثم استقاموا لم يشركوا وقال معنى قوله : عمر رضي الله عنه لم يروغوا روغان الثعالب فقول الصديق محمول على مراعاة الأصول في التوحيد وقول عمر محمول على ترك طلب التأويل والقيام بشرط العهود وقال استقاموا على انفراد القلب بالله تعالى وقال ابن عطاء أبو علي الجوزجاني كن صاحب الاستقامة لا طالب الكرامة فإن نفسك متحركة في طلب الكرامة وربك عز وجل يطالبك بالاستقامة ،
سمعت الشيخ يقول : سمعت أبا عبد الرحمن السلمي أبا علي الشبوي يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت : له روي عنك أنك قلت : شيبتني هود فما الذي شيبك منها قصص الأنبياء وهلاك الأمم فقال : لا ولكن قوله تعالى : فاستقم كما أمرت وقيل : إن الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق ولذلك وقال قال صلى الله عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا الواسطي : الخصلة التي بها كملت المحاسن وبفقدها قبحت المحاسن الاستقامة وحكي عن أنه قال : الشبلي ويقال الاستقامة في الأقوال بترك الغيبة وفي الأفعال بنفي البدعة وفي الأعمال بنفي الفترة وفي الأحوال بنفي الحجبة ، الاستقامة أن تشهد الوقت قيامة
سمعت الأستاذ الإمام أبا بكر محمد بن الحسين بن فورك يقول [ ص: 358 ] السين في الاستقامة سين الطلب أي طلبوا من الحق أن يقيمهم على توحيدهم ثم على استدامة عهودهم وحفظ حدودهم قال الأستاذ : واعلم أن الاستقامة توجب إدامة الكرامة قال الله تعالى : وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لم يقل : سقيناهم ، بل قال : (أسقيناهم) يقال : أسقيته إذا جعلت له سقيا فهو يشير إلى الدوام سمعت يقول : سمعت محمد بن الحسين الحسين بن أحمد يقول : سمعت أبا العباس الفراغاني يقول : قال لقيت شابا من المريدين في البادية تحت شجرة من شجر أم غيلان فقلت : ما أجلسك ههنا فقال : حال افتقدته فمضيت وتركته فلما انصرفت من الحج إذا أنا بالشاب قد انتقل إلى موضع قريب من الشجرة فقلت : ما جلوسك ههنا فقال : وجدت ما كنت أطلبه في هذا الموضع فلزمته قال الجنيد : الجنيدي : فلا أدري أيهما كان أشرف لزومه لافتقاد حاله أو لزومه للموضع الذي نال فيه مراده ، [ ص: 359 ]