وكان جده مجوسيا أسلم ، أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي وكانوا ثلاثة إخوة : آدم ومنهم وطيفور وعلي ، وكلهم كانوا زهادا عبادا وأبو يزيد كان أجلهم حالا.
قيل: مات سنة إحدى وستين ومائتين، وقيل: أربع وثلاثين ومائتين.
سمعت رحمه الله يقول: سمع محمد بن الحسين أبا الحسن الفارسي يقول: سمعت الحسن بن علي يقول: أبو يزيد بأي شيء وجدت هذه المعرفة فقال: ببطن جائع، وبدن عار. سئل
سمعت رحمه الله يقول: سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت عمي منصور بن عبد الله البسطامي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا يزيد يقول: ولولا اختلاف العلماء لبقيت، واختلاف العلماء رحمة إلا في تجريد التوحيد. عملت في المجاهدة ثلاثين سنة فما وجدت شيئا أشد علي من العلم ومتابعته
وقيل: لم يخرج أبو يزيد من الدنيا حتى استظهر القرآن كله.
حدثنا قال: أخبرنا أبو نصر السراج ، قال: سمعت أبو حاتم السجستاني يقول: سمعت المعروف بعمي طيفور البسطامي البسطامي يقول: سمعت أبي يقول: قال لي أبو يزيد: قم بنا حتى ننظر إلى هذا الرجل الذي قد شهر نفسه بالولاية، وكان رجلا مقصودا مشهورا بالزهد، فمضينا إليه فلما خرج من بيته ودخل المسجد رمى ببصاقه تجاه القبلة فانصرف أبو يزيد ولم يسلم عليه وقال: هذا غير مأمون على أدب من آداب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون مأمونا على ما يدعيه.
وبهذا الإسناد قال أبو يزيد: لقد هممت أن أسأل الله تعالى أن يكفيني مؤنة الأكل ومؤنة النساء، ثم قلت: كيف يجوز لي أن أسأل الله هذا ولم يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه، فلم أسأله ثم [ ص: 58 ] إن الله سبحانه وتعالى كفاني مؤنة النساء حتى لا أبالي استقبلتني امرأة أو حائط.
سمعت الشيخ رحمه الله يقول: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي الحسن بن علي يقول: سمعت عمي البسطامي يقول: سمعت أبي يقول: سألت أبا يزيد عن ابتدائه وزهده فقال: ليس للزهد منزلة.
فقلت: لماذا؟ فقالت: لأني كنت ثلاثة أيام في الزهد، فلما كان اليوم الرابع خرجت منه، اليوم الأول زهدت في الدنيا وما فيها، واليوم الثاني زهدت في الآخرة وما فيها، واليوم الثالث زهدت فيما سوى الله، فلما كان اليوم الرابع لم يبق لي سوى الله، فهمت فسمعت هاتفا يقول: يا أبا يزيد لا تقوى معنا، فقلت: هذا الذي أريد ، فسمعت قائلا يقول: وجدت وجدت.
وقيل لأبي يزيد: ما أشد ما لقيت في سبيل الله؟ فقال: لا يمكن وصفه، فقيل له ما أهون ما لقيت نفسك منك؟ فقال: أما هذا فنعم، دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني فمنعتها الماء سنة.
وقال أبو يزيد منذ ثلاثين سنة أصلي واعتقادي في نفسي عند كل صلاة أصليها كأني مجوسي أريد أن أقطع زناري.
سمعت رحمه الله يقول: سمعت محمد بن الحسين عبد الله بن علي يقول: سمعت موسى بن عيسى يقول: قال لي أبي ، قال أبو يزيد لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتقي في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة.
وحكى عمي البسطامي عن أبيه أنه قال: ذهب أبو يزيد ليلة إلى الرباط ليذكر الله سبحانه على سور الرباط فبقي إلى الصباح لم يذكر ، فقلت له في ذلك فقال: تذكرت كلمة جرت على لساني في حال صباي فاحتشمت أن أذكره سبحانه وتعالى. [ ص: 59 ]