الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل: قال الأستاذ زين الإسلام أبو القاسم أدام الله عزه: وهذه فصول تشتمل على بيان عقائدهم في مسائل التوحيد ذكرناها على وجه الترتيب ، قال شيوخ هذه الطريقة على ما يدل عليه متفرقات كلامهم ومجموعاتها ومصنفاتهم في التوحيد: أن الحق سبحانه وتعالى موجود قديم واحد ، حكيم قادر عليم، قاهر رحيم مريد، سميع مجيد رفيع، متكلم بصير متكبر، قدير حي أحد باق صمد، وأنه عالم بعلم ، قادر بقدرة ، مريد بإرادة ، سميع بسمع ، بصير ببصر ، متكلم بكلام ، حي بحياة ، باق ببقاء ، وله يدان هما صفتان يخلق بهما ما يشاء سبحانه على التخصيص، وله الوجه الجميل وصفات ذاته مختصة بذاته، لا يقال هي وهو ، ولا هي أغيار له ، بل هي صفات له أزلية، ونعوت سرمدية، وأنه أحدي الذات ليس يشبه شيئا من المصنوعات، ولا [ ص: 33 ] يشبهه شيء من المخلوقات، ليس بجسم ، ولا جوهر ، ولا عرض ، ولا صفاته أعراض، ولا يتصور في الأوهام، ولا يتقدر في العقول، ولا له جهة ولا مكان ، ولا يجري عليه وقت وزمان، ولا يجوز في وصفه زيادة ولا نقصان، ولا يخصه هيئة وقد، ولا يقطعه نهاية وحد، ولا يحله حادث، ولا يحمله على الفعل باعث، ولا يجوز عليه لون ولا كون، ولا ينصره مدد ولا عون، ولا يخرج عن قدرته مقدور ، ولا ينفك عن حكمه مفطور، ولا يعزب عن علمه معلوم، ولا هو على فعله كيف يصنع ملوم، لا يقال له أين، ولا حيث ، ولا كيف ، ولا يستفتح له وجود، فيقال: متى كان، ولا ينتهي له بقاء فيقال: استوفى الأجل والزمان، ولا يقال: لم فعل ما فعل، إذ لا علة لأفعاله، ولا يقال: ما هو ؛ إذ لا جنس له، فيتميز بأمارة عن أشكاله، يرى لا عن مقابلة، ويرى غيره لا عن مماقلة، ويصنع لا عن مباشرة ومزاولة، له الأسماء الحسنى والصفات العلا ، يفعل ما يريد ، ويذل لحكمه العبيد، لا يجري في سلطانه إلا ما يشاء ، ولا يحصل في ملكه غير ما سبق به القضاء، ما علم أنه يكون من الحادثات أراد أن يكون، وما علم أنه لا يكون مما جاز أن يكون أراد أن لا يكون، خالق أكساب العباد خيرها وشرها ، مبدع ما

في العالم من الأعيان والآثار قلها وكثرها، ومرسل الرسل إلى الأمم من غير وجوب عليه، ومتعبد الأنام على لسان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بما لا سبيل لأحد باللوم والاعتراض عليه، ومؤيد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الظاهرة والآيات الزاهرة بما أزاح به العذر ، وأوضح به اليقين والنكر، وحافظ بيضة الإسلام بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بخلفائه الراشدين، ثم حارس الحق وناصره بما يوضحه من حجج الدين على ألسنة أوليائه، عصم الأمة الحنيفية عن الاجتماع على الضلالة، وحسم مادة الباطل بما نصب من الدلالة، وأنجز ما وعد من نصرة الدين بقوله: ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .

فهذه فصول تشير إلى أصول المشايخ على وجه الإيجاز، وبالله التوفيق. [ ص: 34 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية