الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومنهم أبو علي الفضيل بن عياض خراساني من ناحية مرو  وقيل: إنه ولد بسمرقند ونشأ بأبيورد ، مات بمكة في المحرم سنة سبع وثمانين ومائة.

سمعت محمد بن الحسين يقول: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر قال: حدثنا الحسين بن عبد الله العسكري قال: حدثنا ابن أخي أبي زرعة قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه قال: حدثنا أبو عمار، عن الفضيل بن موسى ، قال: كان الفضيل شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينما هو يرتقي الجدران إليها سمع تاليا يتلو: ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، فقال: يا رب ، قد آن ، فرجع فآواه الليل إلى خربة ، فإذا فيها رفقة ، فقال بعضهم: نرتحل، وقال قوم: حتى نصبح ، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا ، فتاب الفضيل وأمنهم وجاور الحرم حتى مات.

وقال الفضيل بن عياض: إذا أحب الله عبدا أكثر غمه، وإذا أبغض عبدا وسع عليه دنياه.

وقال ابن المبارك: إذا مات الفضيل ارتفع الحزن.   [ ص: 41 ]

وقال الفضيل: لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي ولا أحاسب بها لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه.

وقال الفضيل: لو حلفت أنى مراء أحب إلي من أن أحلف أنى لست بمراء.

وقال الفضيل: ترك العمل لأجل الناس هو الرياء ، والعمل لأجل الناس هو الشرك.

وقال أبو علي الرازي: صحبت الفضيل ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكا ولا متبسما إلا يوم مات ابنه علي، فقلت له في ذلك، فقال: إن الله أحب أمرا فأحببت ذلك.

وقال الفضيل: إني لأعصي الله ، فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي.   [ ص: 42 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية