الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما ذكر أن المبيع إذا استحق أكثره انفسخت العقدة أتى بثمرة ذلك ، ولو فرع بالفاء [ ص: 136 ] لكان أولى فقال ( وإن كان درهمان وسلعة تساوي عشرة ) بيعا ( بثوب ) مثلا ( فاستحقت السلعة ) المساوية للعشرة ، وهي خمسة أسداس الصفقة فسخ البيع لاستحقاق جل الصفقة ورد من استحقت منه السلعة الدرهمين وأخذ الثوب إن كان قائما ( فأعلى ) إن ( فات الثوب ) بحوالة سوق فأعلى ( فله ) أي لمن استحقت منه السلعة ( قيمة الثوب بكماله ورد الدرهمين و ) جاز ( رد أحد المشتريين ) الشريكين نصيبه من مبيع متحد ، أو متعدد اشترياه في صفقة واحدة واطلعا فيه على عيب ولو أبى البائع وقال لا أقبل إلا جميعه بناء على تقدير تعدد العقد الواحد بتعدد متعلقه ومشتريه ، وأما الشريكان إذا اشتريا معيبا في صفقة وأراد أحدهما الرد فلصاحبه منعه وقبول الجميع كما يأتي في الشركة ; لأن كلا وكيل عن الآخر ( و ) جاز لمشتر من بائعين مثلا رد ( على أحد البائعين ) الغير الشريكين نصيبه دون الرد على الآخر . .

التالي السابق


( قوله ، ولو فرع بالفاء لكان أولى ) أي لأن التعبير [ ص: 136 ] بالواو يوهم الاستئناف واعلم أن تفريع هذه المسألة على ما تقدم مبني على أن حرمة التمسك بأقل استحق أكثره مطلقا سواء كان الثمن عينا ، أو عرضا باقيا ، أو فائتا وسيأتي ما فيه ( قوله ، وإن كان درهمان وسلعة إلخ ) اسم كان ضمير الشأن ودرهمان مبتدأ وقوله بيعا بثوب خبره ، والجملة خبر لكان الثانية ، أو إن كان غير ثانية ودرهمان اسمها وخبرها محذوف دل عليه متعلقه بكسر اللام أي بيعا بثوب ، وفي بعض النسخ ، وإن كان درهمين فاسم كان ضمير يعود على المبيع ودرهمين خبرها وسلعة بالرفع على الأول وبالنصب على الثاني ( قوله فاستحقت السلعة ) أي من يد المشتري ، وهو عطف على بيعا المقدر ( قوله فأعلى ) أي من حوالة السوق كتغير الذات ( قوله فله قيمة الثوب بكماله ) أي يأخذها من البائع ولا يجوز له أن يتماسك بالدرهمين فيما يقابلهما من سدس الثوب بحيث يكون شريكا بسدسها ، أو سدس قيمتها ، وأما تمسكه بالدرهمين في مقابلة الثوب بتمامها فجائز وإنما أتى بقوله بكماله لأجل المبالغة في الرد على ابن حبيب القائل له أن يرضى بالدرهمين في مقابلة سدس الثوب فيشتركان فيها ، وإلا فلا حاجة لقوله بكماله ; لأن هذا قد علم من قوله قيمة الثوب ( قوله أي لمن استحقت إلخ ) أشار إلى أن ضمير لمن استحقت منه السلعة واللام للاستحقاق ، أو بمعنى على وقوله ورد الدرهمين يقرأ رد بصيغة الفعل الماضي والدرهمين مفعوله والفعل يفيد وجوب الرد فسقط الاعتراض بأن قوله فله المفيد للتخيير مع التفريع على حرمة التمسك بالأقل مشكل ، والجواب من وجهين أولهما أن قسيم ما ذكر أن له أن يرضى بالدرهمين في نظير الثوب كله لا في مقابلة سدسه ، فقط الثاني أن اللام في قوله فله إما بمعنى على ، أو للاستحقاق لا للتخيير وقوله رد يقرأ فعلا ماضيا فيفيد الوجوب أي من حقه أن يأخذ قيمة الثوب ويجب عليه رد الدرهمين ، ولا يجوز له أن يأخذ الدرهمين في مقابلة سدس الثوب وهذا لا ينافي جواز تماسكه بهما في مقابلة الثوب بتمامها هذا ، وقد اعترض طفى حرمة التمسك هنا بالدرهمين بما ينوبهما من الثوب عند فواتها بأنه خلاف ما ذكره الشراح فقد أطبق من وقفت عليه من الشراح على تقييد حرمة التمسك بأقل استحق ، أو تعيب أكثره بما إذا كان الثمن عينا ، أو عرضا وكان باقيا ، فإن كان عرضا وفات فهو كاستحقاق ، أو تعيب الأقل في جواز التمسك بالسالم بما يخصه من الثمن ا هـ ومقتضى هذا أن اللام في كلام المصنف على حالها للتخيير ولا يجعل قول المصنف ، وإن كان إلخ مفرعا على ما مر من حرمة التماسك بأقل استحق أكثره بل هو مستأنف ( قوله وجاز رد أحد المشتريين غير الشريكين ) أي في التجارة بأن كان شراؤهما للقنية ، ولو كان شيئا واحدا ، وحاصله أنه لو اشترى شخصان سلعة واحدة كعبد لخدمتهما ، أو سلعا متعددة في صفقة واحدة لا على سبيل الشركة بل على أن كل واحد يأخذ نصفها مثلا ، ثم اطلعا على عيب قديم فأراد أحد المشتريين أن يرد نصيبه على البائع وأبى غيره من الرد فالمشهور أن له أن يرد نصيبه على البائع ، ولو قال البائع لا أقبل إلا جميعه بناء على أن العقد يتعدد متعلقه ومشتريه وإلى هذا رجع مالك واختاره ابن القاسم وكان مالك يقول أولا إنما لهما الرد معا ، أو التماسك لأحدهما أن يرد دون الآخر والقولان في المدونة ( قوله ، وأما الشريكان ) أي في التجارة ( قوله وأراد أحدهما ) أي دون الآخر ( قوله ، وعلى أحد البائعين إلخ ) حاصله أن البائع تعدد بأن باع شخصان عبدا واحدا كأن اتخذاه للخدمة مثلا واشتراه منهما واحد فاطلع فيه على عيب قديم فيجوز له أن يرد على أحد البائعين نصيبه من المبيع دون الآخر ما لم يكن البائعان شريكين في التجارة ، وإلا فلا ; لأنهما كالرجل الواحد فالرد على أحدهما رد على الآخر . .




الخدمات العلمية