الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
، ثم شبه بقوله عقارا قوله ( كشجر ) مشترك ( وبناء ) مشترك ( بأرض حبس ) على البائع وشريكه في الشجر ، أو البناء ، أو على غيرهما ( أو ) بأرض شخص ( معير ) باع أحد الشركاء نصيبه من الشجر ، أو البناء الكائنين في تلك الأرض فلشريكه الآخر الأخذ بالشفعة ، وهذه المسألة إحدى مسائل الاستحسان الأربعة ، والثانية الشفعة في الثمار الآتية هنا ، والثالثة القصاص بشاهد ويمين ، والرابعة [ ص: 480 ] أن الأنملة من الإبهام فيها خمس من الإبل وسيأتيان في الجراح ( وقدم المعير ) على الشفيع في أخذه لا بالشفعة ، بل لدفع الضرر ( بنقضه ) أي بقيمته منقوضا ( أو ثمنه ) الذي اشتراه به أي بالأقل منهما فأو للتخيير ، وهذا ( إن مضى ما ) أي زمن ( يعار له ) ، وهذا شامل لما إذا كانت مطلقة ومضى ما تعار له عادة ، أو مقيدة ومضى ما قيدت به ( وإلا ) يمض ما تعار له عادة ، أو الأجل المحدود ( فقائما ) أي فيأخذه بقيمته قائما أي ، أو ثمنه أي بالأقل منهما ، وهذا ظاهر في المطلقة ، .

وأما المقيدة بزمن لم ينقض وقد دخل البائع مع المشتري على البقاء ، أو السكت فالشفعة للشريك دون المعير حتى تنقضي مدتها فيأخذه بالأقل من ثمنه ، أو قيمته منقوضا فإن دخل معه على الهدم قدم المعير بقيمته منقوضا ، أو ثمنه كالأول وقوله وقدم المعير أي ما لم يسقط حقه فإن أسقط حقه أخذه الشفيع بالثمن ( وكثمرة ) باع أحد الشريكين نصيبه منها فللآخر أخذه بالشفعة وشمل قوله وكثمرة الفول الأخضر كما ذكره ابن عرفة وقيده بعضهم بالذي يزرع ليؤكل أخضر ( ومقثأة ) ويدخل فيه القرع ( وباذنجان ) بفتح المعجمة وكسرها فيها الشفعة ( ولو ) بيعت ( مفردة ) عن الأصل في الثمرة وعن الأرض فيما بعدها ( إلا أن تيبس ) الثمرة بعد العقد وقبل الأخذ بالشفعة فلا شفعة فيها وكذا إذا وقع العقد عليها ، وهي يابسة كما في المدونة .

التالي السابق


( قوله ، ثم شبه إلخ ) أي من تشبيه الخاص بالعام ; لأن العقار شامل للبناء ، والغرس وغيرهما كالأرض المجردة عن ذلك ; لأن العقار اسم للأرض وما اتصل بها من بناء ، أو شجر ويكفي المغايرة بين المشبه ، والمشبه به ولو بالعموم ، والخصوص ( قوله ، أو على غيرهما ) أي كما لو كانت الأرض محبسة على جهة فاستأجرها اثنان وبنيا ، أو غرسا فيها ، ثم باع أحدهما حصته لأجنبي فلشريكه الأخذ بالشفعة ، قال المصنف في توضيحه عن شيخه المنوفي ينبغي أن يتفق على ثبوت الشفعة في البناء القائم في الأرض المحكرة عندنا بمصر ; لأن العادة عندنا أن رب الأرض لا يخرج صاحب البناء أصلا فكان صاحب البناء بمنزلة صاحب الأرض ا هـ .

أي أنه لا شفعة لمستحق الأرض ، وإنما الشفعة للشريك ويؤخذ منه أن الشريكين في التزام بلد بمصر لأحدهما الشفعة إذا باع الآخر حصته فيها وبه أفتى عج ، قال شيخنا ، وهذا مقيد بما إذا كانت الحصة التي فرغ صاحبها عنها غير مقسومة ، وإلا فلا شفعة قال شيخنا أيضا ، والأراضي الرزق التي على البر ، والصدقة فيها الشفعة إن كانت غير مقسومة فإذا باع أحد الشريكين حصته لأجنبي كان لشريكه الأخذ بالشفعة فإن كانت مقسومة فلا شفعة فيها كما أن الرزق الموقوفة على الشعائر لا شفعة فيها مطلقا فإذا كان شخصان مقرران في وظيفة لها طين مرصد عليها وفرغ أحدهما عن حصته لأجنبي فليس لشريكه الأخذ بالشفعة ( قوله فلشريكه الآخر الأخذ بالشفعة ) أي لكن يقدم عليه المعير كما يأتي فما هنا مجمل يفصله ما يأتي ، أو يحمل ما هنا على ما إذا كانت العارية مقيدة ولم تمض المدة وباع أحد الشريكين حصته على البقاء ، أو السكوت فلا كلام حينئذ للمعير ، والشريك أحق بالأخذ بالشفعة ( قوله مسائل الاستحسان ) أي التي قال مالك في كل واحدة منها إنه لشيء أستحسنه وما علمت أحدا قاله قبلي ( قوله الآتية هنا ) أي في قوله وكثمرة ومقثأة ( قوله ، والثالثة القصاص ) أي في الجراح ( قوله ، والرابعة إلخ ) زاد بعضهم خامسة ، وهي وصاية الأم على ولدها إذا تركت له مالا يسيرا كالستين دينارا وجمع الكل بعضهم بقوله :

وقال مالك بالاختيار في شفعة الأنقاض والثمار والجرح مثل المال في الأحكام
والخمس في أنملة الإبهام وفي وصي الأم باليسير
منها ولا ولي للصغير

ا هـ بن .

فإن قلت كيف تكون مستحسنات الإمام قاصرة على هذه المسائل الأربعة مع أن الاستحسان في مسائل الفقه أغلب من القياس كما قال المتيطي وقال مالك إنه تسعة أعشار العلم .

قلت [ ص: 480 ] إن الاستحسان الواقع من الإمام ليس قاصرا على هذه الأربعة ، بل وقع منه في غيرها أيضا لكن وافقه في غيره ، أو كان له سلف فيه بخلاف هذه الأربعة فإنه استحسنها من عند نفسه ولم يسبقه غيره بذلك لقوله وما علمت أحدا قاله قبلي ( قوله أن الأنملة إلخ ) .

حاصله أن كل أصبع ديته عشر من الإبل وفي الأنملة ثلث ما في الأصبع إلا الأنملة من الإبهام ففيها نصف ما في الأصبع أعني خمسة من الإبل ( قوله أي بالأقل منهما ) أي سواء دخل البائع مع المشتري على الهدم ، أو السكوت ( قوله ، وهذا شامل لما إذا كانت ) أي العارية مطلقة أي لم تقيد بزمان ( قوله ، وهذا ظاهر في المطلقة ) أي سواء دخل البائع مع المشتري على البقاء ، أو السكوت ، أو الهدم ( قوله على البقاء ) أي للبناء ، والغرس لآخر مدة العارية ( قوله فيأخذه ) أي المعير من الشفيع ( قوله وكثمرة ) أي موجودة حين الشراء بشرط كونها مؤبرة بدليل قوله وحط حصتها .

وأما الغير الموجودة ، أو الموجودة غير المؤبرة فأشار لها بقوله ، وإن اشترى إلخ ( قوله باع أحد الشريكين إلخ ) أي ، والأصل مملوك لهما ، أو بأيديهما في مساقاة ، أو حبس عليهما ( قوله ومقثأة ) عطف على مقدر أي ثمرة غير مقثأة بالإضافة ومقثأة ; لأن المقثأة ليست اسما للقثاء ، بل للأصل أي العروش التي فيها القثاء ( قوله ويدخل فيه القرع ) أي وكذا كل ما له أصل تجنى ثمرته ويبقى أصله كالقطن ، والبامية ( قوله وباذنجان ) عطف خاص على عام ، وهو المقثأة ; لأن المراد بها كل أصل تجنى ثمرته مع بقاء عينه ليخلف غيرها ، وهذا شامل للباذنجان .

وأما النيلة ، والملوخية وكراث المائدة فلا شفعة فيه ; لأنها لا تجنى ويبقى أصلها ليخلف غيرها ، وإنما تحصد من أصلها ويخلف غيرها كذا قرر شيخنا العدوي ( قوله ولو بيعت مفردة ) هذا يشمل ثلاث صور : الأولى إذا باعا الأصل دون الثمرة ، ثم باع أحدهما نصيبه فيها ، الثانية أن يكون الأصل باقيا وباع أحدهما نصيبه من الثمرة الثالثة أن يشتريا معا الثمرة ويبيع أحدهما نصيبه منها ، والمقابل المردود عليه بلو ، وهو قول أصبغ وعبد الملك لا شفعة فيها مطلقا وقول أشهب لا شفعة فيها إذا لم يكن الأصل لهما كما في الصورة الأولى ، والثالثة ا هـ .

بن ( قوله في الثمرة ) أي بالنسبة للثمرة وقوله فيما بعدها أي بالنسبة لما بعدها ( قوله إلا أن تيبس ) المراد باليبس كما قال ابن رشد مجيء وقت جذاذها لليبس إن كانت تيبس ، أو للأكل إن كانت لا تيبس ا هـ بن ( قوله بعد العقد ) أي عقد البيع .




الخدمات العلمية