الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وعجل ) الدين المؤجل بأحد أمرين ( بموت الضامن ) أو فلسه قبل الأجل ويؤخذ من تركته وإن كان المضمون حاضرا مليا ولا يؤخذ منه لعدم حلوله عليه ( ورجع وارثه ) أي وارث الضامن على المدين ( بعد أجله أو ) موت ( الغريم ) أي المدين فيعجل الحق أيضا ( إن تركه ) الميت منهما فهو راجع للصورتين وقوله إن تركه أي كلا أو بعضا فلو مات المدين ولم يترك شيئا فلا طلب على الضامن حتى يحل الأجل إذ لا يلزم من حلول الدين على المدين حلوله على الكفيل لبقاء ذمته فيحل بموت المدين ولا يعجل ( ولا يطالب ) الضامن أي لا مطالبة لرب الدين عليه ( إن حضر الغريم موسرا ) تأخذه الأحكام غير ملد ولم يقل رب الدين أيكم شئت أخذت بحقي كما سيأتي ولم يشترط الضمان في الحالات الست التي منها اليسر ( أو ) غاب الغريم ( ولم يبعد إثباته ) أي إثبات مال الغائب والنظر فيه ( عليه ) أي على الطالب بل تيسر عليه ذلك فلا مطالبة له على الضامن وإلا طالبه ( والقول له ) أي الضامن عند التنازع ( في ملائه ) أي ملاء الغريم فليس لرب الدين مطالبة الحميل [ ص: 338 ] ولا المدين ; لأنه أقر بعدمه ما لم يثبت عدمه ( وأفاد شرط ) أي اشتراط رب الحق ( أخذ أيهما شاء ) من الغريم أو الضامن بالحق ( و ) أفاد شرط ( تقديمه ) بالأخذ على المدين ( أو ) اشتراط الضامن أنه لا يؤخذ منه إلا ( إن مات ) الغريم معدما فإنه يفيد وكذا إن قال إن افتقر أو جحد فيعمل بشرطه وشبه في إفادة الشرط قوله ( كشرط ذي الوجه أو رب الدين التصديق ) بلا يمين ( في ) شأن ( الإحضار ) فشمل دعوى الضامن إحضار المدين ودعوى رب الدين عدمه ( وله ) أي للضامن ( طلب المستحق ) وهو رب الدين ( بتخليصه ) من الضمان ( عند ) حلول ( أجله ) أي الدين ولو بموت المدين أو فلسه حيث كان المضمون مليئا بأن يقول له إما أن تطلب حقك من المدين أو تسقط عني الضمان وكذا له طلب المضمون بدفع ما عليه عند الأجل ولو سكت رب الدين ( لا ) طلبه ( بتسليم المال إليه ) أي إلى الضامن ليوصله لربه فليس له ذلك ; لأنه لو أخذه الضامن ثم أعدم تلوم كان لرب الحق مطالبة المدين به [ ص: 339 ] ( وضمنه ) أي ضمن الحميل المال عينا أو عرضا أو حيوانا إذا تلف أو ضاع منه ولو بغير تفريط منه أو قامت على هلاكه بينة ; لأنه متعد لقبضه له بغير إذن ربه ( إن اقتضاه ) أي قبضه على وجه الاقتضاء بأن طلبه من الأصيل فدفعه له أو دفعه له بلا طلب وقال أنا بريء منه ومتى قبضه على وجه الاقتضاء صار لرب الحق غريمان الحميل والمدين يطلب أيهما شاء ( لا ) إن ( أرسل ) الضامن أي أرسله المدين لرب الدين ( به ) أي بالدين المضمون فضاع منه أو تلف بغير تفريطه فلا يضمنه ; لأنه أمين حينئذ ويضمنه الغريم وعلامة الإرسال أن يدفعه للحميل ابتداء بلا طلب له ولم يقل المدين صرت بريئا منه ومثل الإرسال أو هو إرسال حكما ما إذا دفعه له على وجه الوكالة عنه فيبرأ الضامن فقط ( ولزمه ) أي لزم الضامن ( تأخير ربه ) أي رب الدين مدينه ( المعسر ) وجوب إنظاره فلا كلام للضامن إذ التأخير رفق بالضامن فإن كان المدين موسرا فالضامن لا يخلو من ثلاثة أوجه أن يعلم ويسكت أو لا يعلم حتى يحل الأجل الذي أنظره إليه الدائن أو يعلم فينكر أشار لأولها بقوله ( أو ) تأخير ربه المدين ( الموسر ) يلزم الضامن ( إن ) علم بالتأخير و ( سكت ) بعد علمه ولثانيها بقوله ( أو لم يعلم ) حتى حل الأجل الذي أنظر إليه وقد أعسر الغريم فالضمان لازم للضامن ( إن [ ص: 340 ] حلف ) رب الدين ( أنه لم يؤخره مسقطا ) لضمان الضامن فإن لكل سقط الضمان وأشار لثالثها بقوله ( وإن أنكر ) الضامن التأخير أي لم يرض به حين علمه وقال للدائن تأخيرك المدين إبراء لي من الضمان ( حلف ) رب الدين ( أنه لم يسقط ) الضمان بتأخيره ( ولزمه ) الضمان وسقط التأخير فيأخذ الحق عاجلا فإن نكل رب الدين سقط الضمان ولزم التأخير

التالي السابق


. ( قوله : وعجل الدين المؤجل ) أي المضمون بموت الضامن قبل الأجل وحاصله أن الضامن إذا مات أو فلس قبل حلول أجل الدين فإن الطالب يخير بين أن يبقى للأجل ويتبع الغريم وبين أن يتعجل ماله فيأخذه من تركة الضامن إذا مات ويحاصص به مع غرمائه إن فلس ولو كان الغريم حاضرا مليا فإذا حل الأجل رجع ورثة الضامن على الغريم بما دفعوا عنه من تركة مورثهم في الموت وفي الفلس يرجع الحميل بعد الأجل على الغريم بما أخذه الطالب بالمحاصة من ماله إذا علمت هذا فقول المصنف وعجل إلخ أي إن شاء الطالب لا أن التعجيل واجب كما يوهمه كلام المصنف ومفهوم قول الشارح قبل الأجل أنه لو مات الضامن عند حلول الأجل أو بعده لم يكن لرب الحق طلب على تركة الضامن إذا كان الغريم حاضرا موسرا وإلا كان له اتباعها .

( قوله : أو موت الغريم ) عطف على موت الضامن .

( قوله : إن تركه ) أي إن ترك الميت الحق .

( قوله : كلا أو بعضا ) أي ويبقى البعض الذي لم يتركه لأجله .

( قوله : فلو مات المدين ) أي قبل الأجل ولم يترك شيئا إلخ أي وكذا لو مات الضامن قبل الأجل ولم يترك شيئا لم يطالب الغريم حتى يحل الأجل .

( قوله ولا يطالب إلخ ) ما ذكره المصنف من أن الكفيل لا يطالب بالحق في ملاء المكفول عنه وحضوره هو الذي رجع إليه مالك وأخذ به ابن القاسم ورواه ابن وهب ابن رشد وهو أظهر والقول المرجوع عنه أن الطالب مخير بين طلب الغريم أو طلب الضامن قال بن وبه جرى العمل بفاس وهو الأنسب يكون الضمان شغل ذمة أخرى بالحق .

( قوله : إن حضر الغريم موسرا ) أما إن حل الأجل وكان الغريم غائبا أو مات أو حاضرا وهو معسر كان الطلب على الضامن .

( قوله : غير ملد ) فإن كان ملدا توجه الطلب على الضامن والتقييد بكونه غير ملد ولا مماطل لغير ابن القاسم في المدونة وجعله ابن شاس وابن الحاجب خلافا وجعله ابن عبد السلام وصاحب الشامل تقييدا وظاهر كلام ابن رشد أن التقييد به هو المعتمد ا هـ بن .

( قوله : في الحالات الست ) أي وهي العسر واليسر والغيبة والحضور والموت والحياة فإن اشترط ضمانه في الحالات الست أو شرط رب الحق أخذ أيهما شاء كان له طلب الضامن إذا حل الأجل ولو حضر الغريم مليا وما ذكره الشارح هو المعتمد وهو ما في وثائق أبي القاسم الجزيري وغيره خلافا لابن الحاجب من أن الضامن لا يطالب إذا حضر الغريم مليا مطلقا وهو ظاهر المصنف أيضا .

( قوله : أو غاب الغريم إلخ ) أشار الشارح بهذا إلى أن المعطوف على حضر محذوف وقوله ولم يبعد إثباته أي ولم يشق على الطالب إثبات مال الغائب وقوله والنظر فيه الأولى والاستيفاء منه .

( قوله : أي على الطالب ) المراد به رب الدين .

( قوله : والقول له في ملائه ) حاصله إذا حل الأجل وتنازع رب الدين والضامن فادعى رب الدين أن المدين معدم وطالب الضامن فادعى أن المدين مليء [ ص: 338 ] حينئذ طلب الضامن لتصديقه في ملاء المضمون ولا طلب له على المضمون لأنه مقر بعدمه إلا أن يقيم رب الدين بينة بعدم المدين فله مطالبة الضامن أو يتجدد للمدين مال فله مطالبته ثم إن قول المصنف والقول له في ملائه أي بلا يمين إلا أن يدعي عليه رب الدين أنه عالم بعدمه وإلا حلف له الضامن على عدم العلم وما ذكره المصنف من أن القول قول الضامن في ملائه قول ابن القاسم في الواضحة وقال سحنون إن القول للطالب إلا أن يقيم الحميل بينة بملاء الغريم قال ح والمواق وهو الذي استظهره ابن رشد قال المتيطي وهو الذي عليه العمل ونصه وإذا طلب صاحب الدين الحميل بدينه والغريم حاضر فقال له الحميل شأنك بغريمك فهو مليء بدينك وقال صاحب الدين الغريم معدم وما أجد له مالا فالذي عليه العمل وقاله سحنون في العتبية إن الحميل يغرم إلا أن يثبت يسر الغريم وملاؤه فيبرأ وحلف له صاحب الحق إن ادعى عليه معرفة يسره على إنكار معرفته بذلك وغرم الحميل وله رد اليمين على الحميل فإن ردها حلف الحميل وبرئ وقال ابن القاسم في الواضحة ليس على الحميل سبيل بل يبدأ بالغريم ا هـ فبان لك أن الراجح خلاف ما عليه المصنف قال ح لكن المصنف استظهر في توضيحه أن القول قول الحميل ا هـ وقد علم من عادة المصنف أنه لا يعتمد استظهار نفسه ا هـ بن .

( قوله : ولا المدين ) أي ما لم يتجدد له مال .

( قوله : ما لم يثبت عدمه ) أي ما لم يقم الطالب بينة بعسر الغريم وإلا فله أخذ حقه من الحميل حينئذ .

( قوله : وأفاد شرط أخذ أيهما شاء ) ابن رشد هذا هو المشهور المعلوم من مذهب ابن القاسم في المدونة وغيرها وبه قال أصبغ وقال ابن القاسم مرة إن الشرط المذكور لا يفيد إلا إذا كان الغريم ذا سلطان أو كان قبيح المطالبة ا هـ بن .

( قوله : وتقديمه ) أي وأفاد اشتراط رب الدين تقديم الحميل بالمطالبة على المضمون على خلاف الأصل ( قوله إلا إن مات الغريم معدما ) أي وأما ما دام حيا ولو معدما حاضرا أو غائبا فلا يؤخذ منه شيء .

( قوله : وكذا إن قال ) أي الضامن وقوله إن افتقر أو جحد أي المضمون .

( قوله كشرط ذي الوجه ) أي أن ضامن الوجه إذا شرط على صاحب الدين أنه مصدق في إحضار المضمون بلا يمين أو بيمين فإنه يعمل بشرطه وكذا إذا شرط رب الدين على الضامن عدم اليمين في تصديق دعواه في عدم إحضار المضمون فإنه يعمل بشرطه والحاصل أنه إذا ضمن عمرو وجه زيد لبكر ثم إنه تنازع رب الدين والضامن في إحضار المدين فادعى الضامن أنه أحضره وادعى رب الدين أنه لم يحضره فالقول قول رب الدين بيمين هذا هو الأصل فإن اشترط الضامن على رب الدين أنه يصدق في دعواه إحضار المدين بيمين أو بلا يمين عند التنازع في إحضاره عمل بالشرط في الصورتين وإن شرط رب الدين على الضامن أن القول قوله في عدم الإحضار بلا يمين عمل بذلك الشرط فخلاف الأصل ثلاث صور اثنتان الشرط فيهما من الضامن وواحدة الشرط فيها من رب الدين .

( قوله : فشمل ) أي كلام المصنف بتقدير شأن .

( قوله : عدمه ) أي عدم إحضار المدين .

( قوله : وله طلب المستحق ) أي إلزامه وقوله عند حلول أجله متعلق بطلب لا بتخليص لأنه وإن كان عند الأجل إلا أنه غير ملاحظ .

( قوله : وكذا له طلب المضمون ) أي فلا مفهوم لقول المصنف طلب المستحق .

( قوله : ولو سكت ) أي هذا إذا حصل من رب الدين مطالبة الضامن به بل وإن سكت عن الطلب به خلافا لقول ابن شاس في الجواهر وللكفيل إجبار الأصيل على تخليصه إذا طولب وليس له ذلك قبل أن يطالب فإنه قد تعقبه بأنه مخالف لنص المدونة انظر بن فإن قلت ما قبل المبالغة مشكل إذ كيف يتصور مطالبة رب الدين للضامن ومن عليه الدين حاضر ملي .

قلت يتصور هذا فيما إذا كان من عليه الدين ملدا فإن لرب الدين مطالبة الضامن حينئذ ولو كان المدين حاضرا مليئا ويتصور أيضا فيما إذا شرط رب الدين أخذ أيهما شاء أو شرط تقديم الضامن بالطلب أو كان ضامنا في الحالات الست .

( قوله : لا بتسليم المال إليه ) [ ص: 339 ] متعلق بمحذوف كما قدره الشارح وهو المعطوف على قوله طلب المستحق والمطلوب منه فيهما مختلف ففي الأول المستحق وفي الثاني المدين وليس قوله بتسليم عطفا على بتخليصه لتعلق الطلب الأول بالمستحق فلا يصح تعلقه بالتسليم لأن المطلوب منه التسليم المدين .

( قوله : وضمنه إلخ ) أي وإذا وقع أن الضامن تسلم الدين من المدين ليدفعه إلى ربه فضاع منه أو تلف فإنه يضمنه إن تسلمه على وجه الاقتضاء ولو بغير تفريط منه لا إن تسلمه على وجه الرسالة بأن دفعه له المضمون ابتداء ولم يشترط براءته منه فتلف أو ضاع بغير تفريط فإنه لا ضمان عليه .

واعلم أن قبض الحميل للدين ينقسم إلى خمسة أقسام لأنه إما أن يكون على وجه الاقتضاء أو الإرسال أو الوكالة عن رب الحق أو يتنازع المدين والضامن في أنه على وجه الاقتضاء أو الإرسال أو يموت المدين أو الضامن ويعرى القبض عن القرائن الدالة على الاقتضاء أو الإرسال أو الوكالة فقول المصنف إن اقتضاه يعني أو تنازعا فقال المدين اقتضاء وقال الضامن رسالة فالقول للمدين وكذا لو ماتا أو انبهم الأمر لعدم القرينة وقوله لا أرسل به أي حقيقة أو حكما بأن يقبضه على وجه الوكالة من رب الدين وقوله وضمنه أي لمن قبضه منه وهو الغريم وحينئذ فيكون الضامن غريما في الصور الثلاث الداخلة تحت قوله : إن اقتضاه ومعلوم أن غريم الغريم غريم فلرب الدين أن يغرم الأصيل وله أن يغرم الضامن نيابة عن المدين كما صرح بذلك الرجراجي في شرح مشكلات المدونة وغيره ويفهم من التوضيح أن رب الدين إذا رجع على الأصيل كان للأصيل الرجوع على الكفيل انظر شب .

( قوله : أو دفعه ) أي المدين للطالب بلا طلب من الضامن وقال المدين للضامن أنا بريء منه من هذا الوقت .

( قوله على الوكالة ) أي لأجل كونه وكيلا عن رب الحق أي والحال أن رب الحق وافقه على دعواه الوكالة وأما إن نازعه فيها فسيأتي أن القول قول الموكل وحينئذ فيكون الحميل ضامنا لما قبضه .

( قوله : فيبرأ الضامن فقط ) أي دون الغريم وقد يقال مقتضى كون الضامن وكيلا لرب الدين في القبض أنه إذا قبض وتلف منه بغير تفريط أن يبرأ كل من الضامن والغريم وأجيب بأنه إنما ضمن الغريم لاحتمال تواطئه مع الضامن على أخذهما الحق ودعوى الضياع نعم إن قامت بينة تشهد على دفع الغريم للضامن الوكيل برئ كل من الضامن والغريم ا هـ تقرير شيخنا عدوي ( قوله ولزمه إلخ ) لما ذكر المصنف أن للكفيل طلب المستحق بتخليصه من الضمان إذا حل الأجل وسكت عن طلب حقه ذكر حكم ما إذا أخر المستحق غريمه أجلا ثانيا بعد مضي الأجل الأول .

( قوله : فلا كلام للضامن ) أي فليس له أن يقول للمستحق اطلب حقك من المدين أو أسقط عني الضمان .

( قوله : إذ التأخير رفق بالضامن ) أي حيث لم يطالبه رب الدين عند حلول الأجل مع كون المدين معسرا بل أخر الدين أجلا ثانيا .

( قوله : أن يعلم ) أي بتأخير رب الدين للغريم .

( قوله : الذي أنظره إليه ) أي الذي أخره إليه الدائن ثانيا .

( قوله : إن علم بالتأخير وسكت ) أي إن علم الضامن بالتأخير وسكت بعد علمه به بقدر ما يرى عرفا أنه رضي ببقائه على الضمان فلو ادعى أنه يجهل أن سكوته يسقط تكلمه فإنه يعذر بالجهل وحينئذ فله أن ينكر على رب الدين ذلك التأخير وأن لا يرضى به ويقول له تأخير له إبراء لي من الضمان فيجري على الوجه الثالث الآتي فإن حلف رب الدين أنه لم يسقط ضمانه لزمه الضمان وسقط التأخير وإن نكل سقط الضمان ولزم التأخير للغريم ولا يضره إلا العلم بأن سكوته مسقط لتكلمه كذا قرر شيخنا العدوي والشرط في كلام المصنف راجع للمسألة الثانية لأن الأولى وهي تأخير المدين المعسر لازم مطلقا سواء سكت الضامن أو أنكر .

( قوله : أو لم يعلم ) أي الحميل بالتأخير .

( قوله : الذي أنظر إليه ) أي ثانيا ( قوله وقد أعسر الغريم ) مثله في عج وهو خلاف ما نقله ح عن اللخمي من [ ص: 340 ] أن محل لزوم الضمان إذا كانت ذمة الغريم يوم حلول الأجل الأول والثاني سواء وأما إن كان موسرا يوم حلول الأجل الأول كما هو الموضوع ثم أعسر الآن أي عند حلول الأجل الثاني لم يكن لرب الدين على الحميل شيء لأنه فرط في حقه حتى تلف مال الغريم ولم يعلم الكفيل حتى يعد راضيا ا هـ بن .

( قوله : حلف ) هذا شرط في لزوم الضمان كما دل عليه كلام الشارح لا في لزوم التأخير كما يقتضيه كلام المصنف إذ لا يعقل عدم لزوم التأخير مع أن الأجل المؤخر إليه قد مضى انظر ابن عاشر والحاصل أن فائدة الحلف لزوم الضمان وأما لزوم التأخير فلا فائدة للالتفات إليه لكون الأجل المؤخر إليه قد مضى .

( قوله : وسقط التأخير ) أي بالنسبة لكل من الضامن والمدين وحينئذ يبقى الدين حالا يؤخذ من المدين لأن الموضوع أنه موسر فإن كان ملدا أو غاب أخذ من الضامن كما في عبارة ابن رشد وابن عرفة وابن غازي وح وغيرهم انظر بن ( قوله فإن نكل رب الدين سقط الضمان ولزم التأخير ) هذا قول ابن القاسم في المدونة كما في أبي الحسن والذخيرة وفي التوضيح وإن نكل لزمه التأخير والكفالة ثابتة على كل حال هذا مذهب ابن القاسم في المدونة وتعقب طفى بأنه سبق قلم انظر بن والحاصل أن رب الدين إذا حلف لم يسقط الضمان عن المضمون ويسقط التأخير ويؤخذ الدين حالا وإن نكل لزم التأخير ويسقط الضمان خلافا لما في التوضيح حيث قال بلزوم التأخير وبقاء الكفالة وخلافا لما في تت من أن حالة النكول كحالة الحلف فيسقط التأخير ويغرم الدين حالا




الخدمات العلمية