الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) لا يجوز ( ثمر ) بالمثلثة أي قسمه على رءوس الشجر والمراد ثمر النخل خاصة ، وهو البلح الصغير الذي لم يبد صلاحه بدليل الشرط الآتي ( أو زرع ) بأرضه قبل بدو صلاحه بالخرص أي التحري ( إن لم يجذاه ) أي لم يدخلا على الجذ بأن دخلا على التبقية أو سكتا ; لأن قسمه من البيع ، وهو يمنع بيعه منفردا بالتحري قبل بدو صلاحه على التبقية فإن دخلا على جذه عاجلا جاز .

وأما إذا بدا صلاحه فالمنع بالأولى في قسمه بالخرص على أصوله ; لأنه ربوي الشك في التماثل كتحقيق التفاضل فلا يقسم إلا كيلا أو يباع ليقسم ثمنه ( كقسمه ) أي ما ذكر من الثمر والزرع ( بأصله ) أي مع أصله ، وهو الشجر وأرض الزرع فلا يجوز مطلقا دخلا على الجذاذ أو لا بدا صلاحه أو لا [ ص: 507 ] كثمر غير النخل منفردا لما فيه من بيع طعام وعرض بطعام وعرض فالتشبيه في مطلق المنع لا بقيد الشرط المتقدم وفاقا للشارح ( أو ) قسمه ( قتا أو ذرعا ) بقصبة ونحوها فلا يجوز بدا صلاحه أم لا للشك في التماثل المؤدي إلى المزابنة

التالي السابق


( قوله والمراد ثمر النخل خاصة ) الصواب العموم إذ لا فرق بين البلح وغيره من الفواكه كما في بن وقوله بدليل الشرط الآتي أي ، وهو قوله واتحدا من بسر أو رطب وفيه أن هذا شرط في شيء خاص فلا ينتج التخصيص في جميع السياق ( قوله أو زرع بأرضه ) أي لا يجوز قسم الزرع القائم في أرضه ( قوله أي التحري ) أي بأن يتحرى أن زرع أو بلح تلك الجهة قدر زرع أو بلح تلك الجهة ويأخذ كل واحد جهة ( قوله ; لأن قسمه من البيع ) هذا التعليل يقتضي أن الممنوع قسمه مراضاة ; لأنها من البيع وأن قسمه بالقرعة غير ممنوع وليس كذلك بل قسمه على التبقية أو السكوت ممنوع مطلقا كانت القسمة مراضاة أو بالقرعة فتأمل ( قوله فإن دخلا على جذه عاجلا جاز ) أي إذا وجدت بقية شروط بيعه على الجذ من الانتفاع به والاضطرار وعدم التمالؤ كما ذكره بن ( قوله فالمنع بالأولى ) أي وإلا ما سيأتي استثناؤه من الثمر والعنب فإنه يجوز قسمه بالخرص بالشروط الستة التي ذكرها المصنف ( قوله بالخرص على أصوله ) أي ولو دخلا على الجذ ( قوله فلا يقسم إلا كيله ) أي بعد جذه بالفعل ( قوله أو لا ) أي بأن دخلا

[ ص: 507 ] السكوت أو التبقية ( قوله كثمر غير النخل ) أي كما يمنع قسم الثمر غير النخل بالتحري قبل بدو صلاحه ولو دخلا على جذه كذا قال الشارح تبعا لعبق ورده بن بأنه غير مسلم بل ثمر غير النخل كثمر النخل إذا قسم مفردا بالخرص يمنع إن دخلا على التبقية أو السكوت .

وأما إن دخلا على الجذاذ فيجوز ( قوله لما فيه إلخ ) علة لقوله فلا يجوز مطلقا ( قوله بطعام وعرض ) أي والعرض مع الطعام يقدر أنه طعام والشك في التماثل كتحقق التفاضل ( قوله لا بقيد إلخ ) أي ; لأن قسمه بأصله ممنوع ولو دخلا على الجذ ( قوله وفاقا للشارح ) قال بن ، وهو غير صواب والصواب ما قاله غيره من جعل التشبيه تاما فقال كقسم ما لم يبد صلاحه من الزرع والثمر مع أصله ، وهو الشجر وأرض الزرع فيمنع مع اشتراط البقية أو السكوت .

وأما على الجذ فيجوز ، وأما قسم ما بدا صلاحه مع أصله فيمنع ولو دخلا على جذه ; لأن فيه بيع طعام وعرض بطعام وعرض ، وهذا هو الموافق لنص المدونة ونصها قال مالك : إذا ورث قوم شجرا أو نخلا وفيها ثمر فلا تقسم الثمار مع الأصل قال ابن القاسم : وإن كان الثمار طلعا أو وديا إلا أن يجراه مكانه ا هـ .

وحاصل ما يتعلق بهذه المسألة أن تقول لا يجوز قسمة الزرع والثمر بالتحري وقبل بدو صلاحه حيث دخلا على التبقية أو السكوت ويجوز إذا دخلا على الجذ .

وأما بعد بدو صلاحه فلا يجوز مطلقا إلا البلح والعنب فإنه يجوز بالشروط الستة التي ذكرها المصنف ، وهذا كله إذا أريد قسمه بدون أصله ، وأما لو أريد قسمه معه فإن كان لم يبد صلاحه جاز إن دخلا على الجذ ومنع إن دخلا على التبقية أو السكوت ، وإن كان قد بدا صلاحه منع مطلقا ولو دخلا على الجذ ، هذا على طريقة غير بهرام ، وهي الصواب ، وأما على طريقته فمتى قسم مع أصله منع مطلقا بدا صلاحه أو لا ، دخلا على التبقية أو الجذ أو السكوت ( قوله أو قسمه ) أي الزرع تحريا قتا أي حزما ، وهو أي قوله أو وقتا عطف على بأصله ( قوله فلا يجوز ) أي وإنما يقسم بعد تصفيته بمعياره الشرعي ، وهو الكيل وإنما امتنع قسم الزرع هنا قتا وجاز بيع القت جزافا كما تقدم في قوله وقت جزافا لا منفوشا لكثرة الخطر هنا إذ يعتبر في كل من الطرفين شروط الجزاف لو قيل بجوازه بخلاف البيع فإنها إنما تعتبر في طرف المبيع فقط ، وهو القت ( قوله إلى المزابنة ) أي ; لأن كلا من الشريكين يريد زبن الآخر أي دفعه وغلبته وما ذكره الشارح من التعليل يشير إلى أن مراد المصنف بالزرع هنا ما يمنع فيه التفاضل ، وأما غيره كالبرسيم فسيأتي الكلام عليه عند قوله كبقل




الخدمات العلمية