الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) تناول ( العبد ) أي العقد على الرقيق ولو أمة ( ثياب مهنة ) بفتح الميم على الأفصح أي خدمته ولو لم تكن عليه حين البيع بخلاف ثياب الزينة فلا تدخل إلا بشرط أو عرف ( وهل يوفي ) للبائع ( بشرط عدمها ) بأن شرط أن لا تكون داخلة في البيع وذلك لا يستلزم بيعه مكشوف العورة إذ لا يمكن من ذلك ( وهو الأظهر أو لا ) يوفي له بشرطه بل يبطل الشرط ويصح البيع ابن حبيب وبه مضت الفتوى عند الشيوخ وشبه في هذا الثاني ست مسائل بقوله ( كمشترط زكاة ما لم يطب ) من حب أو ثمر على البائع فيصح البيع ويبطل الشرط [ ص: 175 ] لأنه غرر لا يعلم مقداره وتكون الزكاة على المبتاع لحدوث سبب الوجوب عنده لأنه اشتراه ثمرا لم يبد صلاحه أو زرعا أخضر مع أصله واعترض الحطاب على المصنف بأنه لم ير صحة البيع وبطلان الشرط لغير المصنف في مختصره وتوضيحه وأن الذي في كلام أهل المذهب فساد البيع أي لأنه يؤدي لجهل الثمن إذ لا يدري ما يفضل له منه لو زكى انتهى ( و ) مشترط ( أن لا عهدة ) إسلام وهي درك الاستحقاق أو العيب بأن أسقط المشتري حقه من القيام بما ذكر فإنه لا يلزم وله القيام به لأنه إسقاط للشيء قبل وجوبه وأما التبري من العيب من الرقيق بشرطه المتقدم فصحيح ولا يصح أن يراد بالعهدة عهدة الثلاث أو السنة لأن لكل من المشتري والبائع إسقاطها عند العقد ( و ) مشترط أن ( لا مواضعة ) فالبيع صحيح والشرط باطل ويحكم بها لأنها حق لله تعالى ( أو ) مشترط أن ( لا جائحة ) فيبطل الشرط والبيع صحيح وظاهره ولو فيما عادته أن يجاح وقال أبو الحسن إن البيع فيه يفسد أي لزيادة الغرر ( أو ) مشترط ( إن لم يأت ) المشتري ( بالثمن لكذا ) كشهر مثلا ( فلا بيع ) مستمر بينهما فالبيع صحيح ويبطل الشرط [ ص: 176 ] ويكون الثمن مؤجلا للأجل الذي سمياه ( أو ) مشترط ( ما لا غرض فيه ولا مالية ) كشرط أن يكون العبد أميا فيوجد كاتبا أو الأمة نصرانية فتوجد مسلمة ولم يكن لأجل تزويجها بعبده النصراني كما مر ( وصحح ) أي القول الثاني وهو قوله أو لا وهو الراجح ( تردد ) فيما قبل التشبيه

التالي السابق


( قوله وهل يوفي للبائع بشرط عدمها ) بأن قال البائع عند عقد البيع أبيعك العبد أو الأمة ما عدا ثياب المهنة ( قوله لا يستلزم بيعه مكشوف العورة ) أي بل يباع لابسا لها فإذا أخذه المشتري كساه ورد ثياب المهنة للبائع ( قوله وبه مضت الفتوى ) أي وإلى ذلك أشار المصنف بقوله فيما يأتي وصح فهو راجع لقوله أولا وما بينهما نظائر ترجع لقوله أو لا واعلم أن القول الأول القائل إنه يوفي للبائع بشرط عدمها هو قول عيسى بن دينار وروايته عن ابن القاسم واستظهره ابن رشد والقول الثاني القائل بأنه لا يوفي بشرط عدمها بل الشرط باطل هو قول أشهب قال ابن مغيث وهو الذي جرت به الفتوى وبهذا تعلم أن المحل ليس للتردد لأن الخلاف للمتقدمين فلو عبر المصنف بخلاف لاختلاف الترجيح كان أقرب لاصطلاحه ا هـ بن وقول الشارح ابن حبيب وبه مضت الفتوى الأولى ابن مغيث كما علمت ( قوله كمشترط ) أي إنه إذا اشترى الأصول مع ثمارها التي لم يبد صلاحها صفقة أو الأرض وما فيها من الزرع قبل طيبه صفقة واحدة واشترط المشتري زكاة الثمر أو [ ص: 175 ] الحب على البائع إذا طاب فالبيع صحيح والشرط باطل ( قوله لأنه غرر إلخ ) أي ولذلك لو اشترطها البائع على المشتري جاز لأنه إن كان حصل سبب الوجوب فقد علم المقدار وإلا فالشرط مؤكد انظر بن ( قوله لحدوث سبب الوجوب عنده ) أي الذي هو إفراك الحب وطيب الثمر ( قوله مع أصله ) راجع لكل من الثمر والزرع ( قوله وأن الذي في كلام أهل المذهب فساد البيع ) أي كما يدل عليه كلام العتبية والنوادر وابن يونس وأبي الحسن وصاحب الطراز وصرح بالفساد أيضا ابن رشد وقد يقال إنه لا يلزم من عدم رؤيته القول بصحة البيع عدم وجوده فالمصنف قد نقل صحة البيع وفساد الشرط عن المتيطي فغاية الأمر أن المسألة ذات قولين انظر بن ( قوله إذ لا يدري ) أي البائع ما يفضل له منه أي من الثمن ( قوله وشرط أن لا عهدة ) أي وكشرط البائع على المشتري أنه لا يقوم عليه بعهدة الإسلام ( قوله درك ) أي ضمان ( قوله بأن أسقط إلخ ) أي حين الشراء كما لو قال البائع للمشتري أبيعك هذه السلعة بكذا على أنها إذا استحقت من يدك أو ظهر بها عيب قديم فلا قيام لك بذلك علي ورضي المشتري بذلك وأسقط حقه وأما لو أسقط ذلك بعد الشراء ففي التزامات ح عن أبي الحسن وإذا أسقط المشتري حقه من القيام بالعيب بعد العقد وقبل ظهور العيب فإنه يلزمه سواء كان مما يجوز فيه البراءة أم لا انظر بن .

( قوله بما ذكر ) أي من الإسقاط والعيب القديم ( قوله إسقاطها عند العقد ) أي ويعمل بذلك الإسقاط وأما إذا حصل إسقاطها بعد العقد فيعمل به أيضا إذا كان من المشتري لا من البائع ( قوله أو شرط أن لا جائحة ) هو نحو قول ابن عرفة سمع ابن القاسم إسقاط الجائحة لغو وهي لازمة ابن رشد لأنه لو أسقط القيام بها بعد العقد لم تلزمه لأنه إسقاط حق قبل وجوبه فكذا في العقد ولا يؤثر فسادا لأنه لا حظ له في الثمن لأن الجائحة أمر نادر ا هـ قال عج وظاهر المصنف ولو اشترط هذا الشرط فيما عادته أن يجاح وفي أبي الحسن أنه يفسد فيه العقد لزيادة الغرر ا هـ وقد يقال إن أصل النص الذي تبعه المصنف فيه التعليل بندور الجائحة وحينئذ فيمكن أن يقال كلام المصنف مقيد بما إذا كان المبيع ليس من عادته أن يجاح اعتمادا على الأصل المتابع له قاله شيخنا في حاشية عبق وفي حاشية الشيخ الأمير عليه أن ابن رشد اقتصر في البيان والمقدمات على ما للمصنف من صحة البيع وبطلان الشرط لكنه علل فيهما بقوله لندرة الجائحة فمقتضاه أن المبيع إذا كان من عادته أن يجاح فلا يكون الحكم كذلك ولذا قال أبو الحسن بالفساد في تلك الحالة ا هـ وهذا يقتضي أن كلام أبي الحسن ليس مقابلا لما مشى عليه المصنف بل هو تقييد له وقد مشى في المج على هذا القول حيث قال وفسد العقد بإسقاط جائحة ما يجاح على الظاهر وفاقا لأبي الحسن وإلا يكن يجاح عادة لغا الشرط ا هـ لكن هذا يعكر على ما ذكره شيخنا في حاشية خش من أن قول أبي الحسن بالفساد ليس خاصا بهذه الحالة حيث قال قوله وقال أبو الحسن إن البيع فيه يفسد أي أن البيع في هذا الفرع وهو عدم اشتراط القيام بالجائحة بقطع النظر عن كون المبيع تندر فيه الجوائح أو تكثر فإن هذا يقتضي أن كلام أبي الحسن مقابل لما قاله المصنف ويوافقه قول بن هذا القول الذي قاله أبو الحسن نقله اللخمي عن السليمانية وما عند المصنف من صحة البيع وبطلان الشرط هو قول مالك في كتاب ابن المواز وفي سماع ابن القاسم وعليه اقتصر ابن رشد في البيان والمقدمات ( قوله أو إن لم يأت إلخ ) صورتها كما قال بعضهم أن يقول البائع بعتك بكذا لوقت كذا وعلى أن تأتيني بالثمن في وقت كذا فإن لم تأت به في ذلك الوقت فلا بيع بيننا مستمر قال في توضيحه ذكر ابن لبابة عن مالك في هذه المسألة ثلاثة أقوال صحة البيع وبطلان الشرط وصحتهما [ ص: 176 ] وفسخ البيع والذي اقتصر عليه في المدونة الأول ومشى عليه المصنف هنا ونص المدونة آخر البيوع الفاسدة ومن اشترى سلعة على أنه إن لم ينقد ثمنها إلى ثلاثة أيام وفي موضع آخر إلى عشرة أيام فلا بيع بينهما فلا يعجبني أن يعقدا على هذا فإن نزل ذلك جاز البيع وبطل الشرط وغرم الثمن ا هـ فدل كلامها على أن البيع انعقد على هذا الشرط لا قبله فقول عبق إذ البيع بينهما انعقد قبل ذلك ليس مراده أن الشرط وقع بعد انعقاد البيع كما يوهمه بل مراده أن البيع انعقد على ذلك الشرط قبل مجيء الأجل ( قوله ويكون الثمن إلخ ) قال عياض على هذا حمل أكثرهم المدونة وإن كان ظاهرها أن المشتري يجبر على نقد الثمن في الحال والحاصل أن الثمن يكون مؤجلا للأجل المذكور فلا يطالب المشتري به قبل الأجل فإذا جاء الأجل ولم يأت به طولب به ولا يفسخ البيع إذ لم يأت به فيه




الخدمات العلمية