الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما كانت الأبواب التي يطلب فيها المناجزة ستة أشار لها بقوله ( والأضيق ) مما يطلب فيه المناجزة ( صرف ) ; لأنه يضر فيه المفارقة ، أو طول المجلس ( ثم إقالة طعام ) من سلم ; لأنه اغتفر فيه المفارقة للإتيان بالثمن من نحو البيت والإحالة والتوكيل على القبض قبل الافتراق ( ثم تولية وشركة فيه ) أي في طعام السلم ; لأنه يجوز تأخير الثمن فيهما فيما قارب اليوم ( ثم إقالة عروض وفسخ الدين في الدين ) أي إقالة العروض المسلم فيها فيمتنع تأخير رد الثمن ; لأنه يؤدي لفسخ دين في دين فهو كصريح فسخ الدين في الدين ولذا عطف صريحه على ما يلزم ذلك بالواو لاستوائهما في الرتبة ومثال صريحه أن يطالبه بدينه فيفسخه في شيء يتأخر لحيثية قبضه ومقتضى أنه ، أوسع مما قبله جواز تأخير اليوم ( ثم بيع الدين ) بالدين المستقر في الذمة كبيع عرض من سلم لغير من هو عليه فإنه ، أوسع مما قبله لاغتفار التأخير بثمنه اليوم واليومين فتأمل ( ثم ابتداؤه ) أوسع لاغتفار التأخير فيه ثلاثة أيام وما قررنا به خلاف المشهور والمشهور أن الحكم في الصرف وفي ابتداء الدين بالدين [ ص: 159 ] ما علمت والحكم فيما بينهما متحد ، وهو التأخير للذهاب لنحو البيت ; والضيق والوسع باعتبار قوة الخلاف وضعفه .

التالي السابق


( قوله المفارقة ) أي مفارقة المتصارفين معا ، أو أحدهما ليأتي بدراهمه ( قوله ، أو طول المجلس ) أي بعد العقد وقبل الاصطراف ( قوله ، ثم إقالة طعام من سلم ) أي ، ثم يلي الصرف في الضيق الإقالة في الطعام إذا كان من سلم ظاهر تقييده الإقالة المذكورة بكون الطعام من سلم أن الإقالة في الطعام إذا كان من بيع سواء وقعت قبل قبضه ، أو بعده يجوز فيها تأخير رد الثمن ، ولو سنة وليس كذلك بل ما ذكره المصنف في الإقالة من الطعام والتولية والشركة فيه قبل قبضه سواء كان الطعام الذي لم يقبض من سلم ، أو من بيع فلو حصلت الإقالة بعد القبض ، أو التولية ، أو الشركة بعد القبض فلا يجري فيها ما قاله المصنف بل يجوز تأخير الثمن في كل من غير تحديد بزمن ، وأما الإقالة في العروض فيشترط أن تكون من سلم ; لأنه هو الذي يتأتى فيه التعليل بفسخ الدين في الدين ، وأما لو كانت من بيع فيجوز تأخير رد الثمن ، ولو سنة كذا ذكر شيخنا في حاشيته ( قوله من نحو البيت ) أي ، وأما تأخير الإتيان به يوما وما قاربه فهو ممنوع لما فيه من فسخ الدين في الدين وإنما لم يكن في المرتبة الآتية لتقويه هنا بانضمام بيع الطعام قبل قبضه له فارتفعت مرتبته في الأضيقية ولا يقال الإقالة في الطعام ليست بيعا فكيف يكون فيه بيع الطعام قبل قبضه ; لأنا نقول هذه الإقالة لما قارنها التأخير عدت بيعا لخروجها عن مورد الرخصة .

( قوله والإحالة ) أي إحالة المسلم على المسلم إليه بالثمن الذي أخذه وقوله والتوكيل أي على قبض رأس المال منه ( قوله قبل الافتراق ) أي افتراق المسلم إليه من مجلس الإقالة ( قوله أي في طعام السلم ) أي المولى فيه ، أو المشرك فيه قبل قبضه ( قوله فيما قارب اليوم ) أي ويمنع تأخيره أزيد من ذلك لما فيه من بيع الدين بالدين مع بيع الطعام قبل قبضه ( قوله لغير من هو عليه ) أي بثمن مؤجل ، وأما لو بيع لمن هو عليه بدين فهو فسخ الدين في الدين ( قوله والمشهور إلخ ) قال ح الترتيب في قول المصنف والأضيق إلخ إنما هو بين الصرف وبين الدين بالدين فشددوا في الصرف وخففوا في الأخير ، وأما ما بينهما من المسائل فلا ترتيب بينهما من هذه [ ص: 159 ] الحيثية وإنما هو من جهة قوة الخلاف وضعفه ، وأما من هذه الحيثية فهي مستوية في عدم جواز التأخير إلا بقدر نقل الثمن ( قوله ما علمت ) أي من أنه يضر في الصرف المفارقة وطول المجلس ويغتفر في ابتداء الدين بالدين التأخير ثلاثة أيام ويضر التأخير فيما زاد عليها ( قوله ، وهو التأخير ) أي اغتفار التأخير للذهاب إلخ ، وأما التأخير لأكثر من ذلك فلا يغتفر على المعتمد ( قوله باعتبار قوة الخلاف إلخ ) أي فالخلاف في إقالة العروض وفسخ الدين في الدين أقوى من الخلاف فيما قبله وهكذا ، وإن كان المشهور أنه لا يجوز التأخير في الجميع إلا في ابتداء الدين




الخدمات العلمية