الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وتجوز ) المقاصة ( في العرضين مطلقا ) تساويا أجلا أم لا ، تساوي بينهما ككونهما من بيع أو من قرض أو اختلف لبعد قصد المكايسة في العرض ( إن اتحدا جنسا وصفة ) كثوبين هرويين أو مرويين ( كأن اختلفا جنسا ) ككساء ورداء [ ص: 230 ] ( واتفقا أجلا ) لبعد قصد المكايسة أيضا وهذا في الحقيقة بيع وإطلاق المقاصة عليه مجاز ( وإن اختلفا أجلا ) مع اختلاف الجنس ( منعت إن لم يحلا ) معا ( أو ) لم يحل ( أحدهما ) وإلا جازت فتجوز بحلول أحدهما كما تجوز بحلولهما على المذهب لانتفاء قصد المكايسة ( وإن اتحدا جنسا ) كثوبي قطن ( والصفة متفقة ) كهرويين أو مرويين ( أو مختلفة ) كأن كان أحدهما هرويا والآخر مرويا ( جازت ) المقاصة ( إن اتفق الأجل ) وأحرى إن حلا لبعد التهمة ( وإلا ) بأن اختلف الأجل مع اختلاف الصفة ( فلا ) تجوز ( مطلقا ) سواء كانا من بيع أو من قرض ، والصواب حذف قوله متفقة مع لفظ أو بأن يقول والصفة مختلفة ; لأن كلامه يقتضي أنه لا بد من اتفاق الأجل حيث اتفقت الصفة وهو خلاف ما قدمه في قوله وتجوز في العرضين مطلقا إلخ ، وتفسير الإطلاق بما ذكرنا هو ما ذكره الشارح وهو خلاف المعول عليه إذ المعول عليه أنه عند اختلاف الأجل لم تجز على تفصيل وهو أنه إن أدى إلى ضع وتعجل أو حط الضمان وأزيدك منع كانا من بيع أو قرض أو أحدهما انظر تفصيله في الأصل .

التالي السابق


( قوله وتجوز المقاصة في العرضين ) المراد بالعرض ما قابل العين والطعام فيشمل الحيوان ، وحاصله أن الدينين إذا كانا عرضين ، فإن اتفقا في النوع والصفة كثوبين هرويين أو مرويين أو ثوبين من القطن جيدين أو رديئين جازت المقاصة في اثنتي عشرة صورة وهي ما إذا حل أجلهما أو أجل أحدهما أو لم يحلا واتفقا أجلا أو اختلفا وسواء كان العرضان من قرض أو من بيع أو أحدهما من بيع والآخر [ ص: 230 ] من قرض وإن اختلفا نوعا كثوب وكساء أو ثوب وجوخة ففيه صور اثنا عشر تجوز المقاصة في تسعة وهي ما إذا حل أجلهما أو كانا مؤجلين واتفقا أجلا أو حل أحدهما سواء كان العرضان من بيع أو من قرض أو مختلفين وتمنع في ثلاثة وهي ما إذا كانا مؤجلين واختلفا أجلا سواء كانا من بيع أو من قرض أو مختلفين ، وإن اتحدا نوعا واختلفا في الصفة كثوبين من القطن مختلفين بالجودة والرداءة وكثوبين إحداهما هروية والأخرى مروية ففيه اثنتا عشرة صورة أيضا تجوز المقاصة في ستة إذا حل العرضان أو كانا مؤجلين واتفقا أجلا كانا من بيع أو من قرض أو مختلفين فهذه ستة وتمنع في ستة إن كانا مؤجلين والأجل مختلف أو حل أحدهما دون الآخر كانا من بيع أو من قرض أو كانا مختلفين ( قوله واتفقا أجلا ) أي كانا مؤجلين واتفقا أجلا كانا من بيع أو من قرض أو مختلفين فهذه ثلاثة جائزة ( قوله وإن اختلفا أجلا ) أي وإن كانا مؤجلين واختلفا في الأجل منعت كان العرضان من قرض أو من بيع أو مختلفين فهذه ثلاثة ممنوعة لما في المقاصة حينئذ من فسخ دين في مؤخر ( قوله وإلا جازت ) أي وإلا بأن حل العرضان أو حل أحدهما جازت كان العرضان من بيع أو من قرض أو مختلفين فهذه ست صور جائزة على مذهب المدونة ومقابله ما في الموازية من منع هذه الستة ( قوله لانتفاء قصد المكايسة ) أي مع حلولهما أو حلول أحدهما أي لأن الاتفاق في الأجل يبعد معه قصد المكايسة والمغالبة كما يبعد مع اتفاقهما في الصفة ( قوله إن اتفق الأجل ) أي إن كانا مؤجلين واتفق أجلهما ( قوله بأن اختلف الأجل ) أي بأن كانا مؤجلين وأجلهما مختلف أو حل أحدهما دون الآخر ( قوله مطلقا ) أي في جميع الأحوال سواء كانا من بيع أو من قرض أو أحدهما من بيع والآخر من قرض ( قوله وتفسير الإطلاق ) أي هنا ، وقوله بما ذكرنا أي من كون العرضين من بيع أو من قرض أو أحدهما من بيع والآخر من قرض .

( قوله إذ المعول عليه ) أي وهو قول ابن شاس ، وقوله لم تجز على تفصيل أي لم تجز مطلقا بل على تفصيل ، وقوله إن أدى إلى ضع وتعجل أو حط الضمان وأزيدك منع أي وإن لم يؤد لذلك جازت وحاصله أن العرضين المختلفين في الصفة إذا اختلفا في الأجل بأن كانا مؤجلين بأجلين مختلفين أو حل أحدهما دون الآخر ، فإن كانا من بيع وكان الحال منهما أو الأقرب حلولا أجود أو أكثر منع لما فيها من حط الضمان وأزيدك وإن كان الحال أو الأقرب حلولا أدنى أو أقل فامنع أيضا لما في المقاصة حينئذ من ضع وتعجل بخلاف ما إذا اتفقا أجلا فإنه لا يلزم شيء من ذلك فلذا جازت ، وأما إذا كانا من قرض ، فإن كان الحال أو الأقرب حلولا أدنى أو أقل فامنع لما فيه من ضع وتعجل وإن كان الحال أو الأقرب حلولا أجود صفة فأجز ; لأن الأجل من حق من عليه الدين في القرض فلا يدخله حط الضمان وأزيدك ، وإنما يدخله ضع وتعجل وسلف جر نفعا بخلاف دين البيع فإنه يدخله ضع وتعجل وحط الضمان وأزيدك ، فإن كان الحال أو الأقرب حلولا أكثر فامنع لما فيه من سلف جر نفعا ، وأما إن كان أحد العرضين من بيع والآخر من قرض فأجزه على ما سبق فتقول إن كان الحال أو الأقرب حلولا من بيع فامنع إن كان أدنى صفة أو أقل قدرا لما فيه من ضع وتعجل وإن كان أجود صفة أو أكثر قدرا منع لما فيه من سلف جر نفعا وإن كان الحال أو الأقرب حلولا من قرض ، فإن كان أدنى صفة أو أقل قدرا منع لضع وتعجل وإن كان أكثر قدرا منع لما فيه من سلف جر نفعا وأجز إن كان أجود صفة والحاصل أن العرضين المختلفين في الصفة إذا اختلفا في الأجل أو حل أحدهما إن كانا [ ص: 231 ] من بيع منعت المقاصة فيهما مطلقا لضع وتعجل أو حط الضمان وأزيدك وإن كانا من قرض منعت المقاصة فيهما أيضا إلا أن يكون الأجود أقرب لضع وتعجل أو لسلف جر نفعا وإن كان أحدهما من بيع والآخر من قرض منعت المقاصة أيضا إلا أن يكون الأجود من بيع أقرب أو حالا .




الخدمات العلمية