الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) ( أقر واحد ) من الشريكين بدين عليهما ( بعد تفرق ) وانفصال مع طول أم لا ( أو موت ) ( فهو شاهد في غير نصيبه ) إذا كان لمن لا يتهم عليه يحلف معه المقر له ويستحقه ، وأما في نصيبه فيؤاخذ به ولو لمتهم عليه ( و ) إذا أنفق كل من المتفاوضين أو اكتسى ( ألغيت نفقتهما وكسوتهما ، وإن ) كانا ( ببلدين مختلفي السعر ) ولو بينا خلافا للبساطي ; لأن كل واحد منهما إنما قعد للتجر مع قلة مؤنة كل واحد فاغتفر اختلاف السعرين ( كعيالهما ) أي كإلغاء نفقة وكسوة عيالهما ( إن تقاربا ) سنا وعددا بقول أهل المعرفة ببلد أو بلدين اختلف السعر أم لا .

ويشترط في مسألة العيال كون المال بينهما مناصفة ( وإلا ) يتقاربا بل اختلفا عددا أو سنا اختلافا بينا أو كان المال بينهما على الثلث والثلثين ( حسبا ) أي نفقة كل وكسوته على عياله لئلا يأكل من مال الشركة أكثر من حقه ( كانفراد أحدهما به ) أي بالعيال بمعنى الأهل أو بالإنفاق على العيال فيحسب إنفاقه عليهم لا على نفسه ومقتضى كلامهم أنه إذا كان أحدهما ينفق على نفسه دون الآخر أنها تلغى والفرق بين نفقة أحدهما على نفسه دون الآخر ونفقة العيال لأحدهما فقط [ ص: 358 ] أن شأن الأولى اليسارة ولأنها من التجارة بخلاف نفقة العيال في الوجهين

التالي السابق


( قوله فهو شاهد ) ظاهره أنه لا بد من عدالته وهو الظاهر كما في المج وقال ابن رشد لا يشترط عدالته وأنه بمنزلة الشاهد من جهة الحلف معه لا شاهد حقيقة ( قوله إذا كان لمن لا يتهم عليه ) أي وصدقه على ذلك المقر له .

والحاصل أنه إن كذبه المقر له فلا يعتبر إقرار الشريك ، وإن صدقه المقر له ، فإن كان يتهم في الإقرار له فلا يلزم إلا في حصة المقر ، وأما إن كان غير متهم في الإقرار له حلف المقر له مع ذلك الشاهد وأخذ حقه من الشريكين ، وإن نكل أخذ نصف الحق من المقر ( قوله ويستحقه ) أي الجميع ، فإن نكل فلا يأخذ إلا نصيب المقر ( قوله وألغيت نفقتهما وكسوتهما ) أي مطلقا تقارب الإنفاق أو لا تساوى المالان أو لا كذا قال عج وتبعه عبق قال شيخنا وهو الأوجه وقال ابن عبد السلام محل إلغاء النفقة على أنفسهما إذا تساوى المالان فإن لم يتساو المالان وكانت الشركة بينهما أثلاثا حسبت نفقة كل واحد منهما عليه وإن تساويا في النفقة والكسوة أو تقاربا وارتضى بن ما قاله ابن عبد السلام ومحل إلغاء نفقتهما وكسوتهما إذا كانتا معتادتين متعارفتين بين الناس لا ما كان سرفا خارجا عن المعتاد .

( قوله ، وإن ببلدين ) أي هذا إذا كانا ببلد أو ببلدين متفقي السعر بل ، وإن كانا ببلدين مختلفي السعر سواء كانا وطنين لهما أو غير وطنين أو مختلفين ( قوله ولو بينا ) أي ولو كان اختلاف السعر في البلدين بينا وقد تبع الشارح في ذلك عج واختاره شيخنا العدوي وقال إنه الراجح ( قوله خلافا للبساطي ) أي حيث قال وإن ببلدين مختلفي السعر والسعر متقارب فجعل الشرط الآتي راجعا لما قبل الكاف أيضا واختاره الشيخ إبراهيم اللقاني ( قوله ; لأن كل واحد منهما إنما قعد للتجر ) أي ونفقته على نفسه من ضرورياته في تجره وشأن النفقة على نفسه القلة فلذلك اغتفر اختلاف السعر وقوله ; لأن كل إلخ تعليل لقول المصنف ، وإن ببلدين مختلفي السعر .

( قوله كعيالهما ) دخل في العيال الزوجة والخادم والأولاد فهو شامل لذلك كله ; لأن عيال الرجل من يعولهم ويمونهم ( قوله ببلد . . . إلخ ) أي كانت عيالهما ببلد أو بلدين ( قوله في مسألة العيال ) وأما في مسألة الإنفاق على النفس فلا يشترط تساوي المالين خلافا لابن عبد السلام ( قوله نفقة كل وكسوته إلخ ) يشير إلى أن ضمير حسبا راجع للنفقة والكسوة وهذا إن بني الفعل للمفعول فإن بني للفاعل فالضمير راجع للشريكين ونفقة كل إلخ مفعوله ( قوله بمعنى الأهل ) جواب عما يقال كان الأولى للمصنف أن يقول كانفراد أحدهما بهم أي بالعيال ; لأنه جمع .

وحاصل الجواب أنه أفرد نظرا إلى أن المراد بالعيال الأهل أو أن الضمير للإنفاق .

( قوله لا على نفسه ) فيه نظر إذ النقل بخلافه ابن عرفة وفيها إن كان لأحدهما عيال وولد وليس للآخر عيال ولا ولد حسب كل واحد ما أنفق ومثله في المواق والشارح بهرام وغيرهما فقولها حسب كل واحد صريح في أن الذي لا عيال له يحسب ما أنفقه على نفسه كما أن الآخر يحسب الجميع ا هـ بن ( قوله ومقتضى إلخ ) تبع في ذلك عج ومقتضى كلام ابن عرفة والمواق المتقدم [ ص: 358 ] عدم الإلغاء وما ذكره من الفرق فإنما هو على ما قال انظر بن ( قوله إن شأن الأولى ) أي النفقة على النفس ( قوله ولأنها من التجارة ) أي من ضروريات التجارة . قال ابن وهب : إن مثل المتفاوضين في جميع ما مر ما يقع بين الإخوة يموت أبوهم ويبقى المال بيدهم يأكلون منه ويكتسون وربما تزوج بعضهم منه أو حج فتلغى نفقتهم وكسوتهم ولو حصل تفاوت فيهما ولو حصل اختلاف في الأنصباء ، وكذلك تلغى النفقة والكسوة على عيال الورثة إن تقاربت العيال وإلا حسبت النفقة والكسوة كما أنه يحسب ذلك إذا انفرد أحدهما بالعيال ويرجع على من تزوج أو حج بما تزوج أو حج به ا هـ




الخدمات العلمية