الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن أمره ) وكيله ( ببيع سلعة فأسلمها في طعام أغرم ) الوكيل حالا وجوبا ( التسمية ) إن سمى له ( أو القيمة ) إن لم يسم ( واستؤني بالطعام لأجله ) ولا يباع قبله لما فيه من بيع الطعام قبل قبضه ( فبيع ) إذا قبض بعد الأجل ، فإن كان فيه قدر التسمية أو القيمة فواضح ( و ) إن نقص ( غرم النقص ) أي الذي كان دفعه أي استمر على غرمه ( والزيادة لك ) أيها الموكل وهذا إن فاتت السلعة وإلا فله ردها والإجازة ; لأنه كابتداء عقد كما تقدم في التي قبلها ( وضمن ) الوكيل مطلقا مفوضا أو لا ( إن أقبض الدين ) الذي على موكله لربه ( ولم يشهد ) على القابض [ ص: 391 ] وأنكر أو مات أو غاب وسواء جرت العادة بالإشهاد أو بعدمه أو لم تجر عادة على المذهب وكذا إذا قبض المبيع أي الموكل على بيعه ولم يشهد فلو أسقط لفظ الدين كان أشمل وقيل هو ساقط في بعض النسخ وقوله ولم يشهد مراده ولم تقم بينة له بإقباض سواء أشهد أو عاينت البينة الإقباض بدون قصد إشهاد ويصح قراءة المتن بفتح الهاء فيشمل الصورتين ( أو باع ) الوكيل ( بكطعام ) أو عرض ( نقدا ) أي حالا ( ما ) أي متاعا وكل على بيعه وهو مفعول باع ( لا يباع ) عادة ( به ) أي بالطعام ونحوه ( وادعى ) الوكيل ( الإذن ) له من الموكل في ذلك ( فنوزع ) أي نازعه الموكل بأن قال له ما أذنت لك في ذلك فإنه يضمن القيمة لموكله إن شاء .

وله إجازة البيع بما وقع هذا عند فوات السلعة ، فإن لم تفت له رد البيع وأخذها وله الإجازة ومفهوم نقدا أنه لو باع بما ذكر لأجل فهو المتقدم في قوله ، وإن أمر ببيع سلعة إلخ ( أو أنكر ) الوكيل ( القبض ) لما وكل على قبضه ( فقامت ) عليه ( البينة ) به ( فشهدت ) له ( بينة بالتلف ) للمقبوض أو بالرد إن ادعاه فيضمن ولا تنفعه بينته بذلك ; لأنه أكذبها بإنكاره القبض ( كالمديان ) ينكر ما عليه من الدين فتقوم البينة عليه به فيدعي الدفع ويقيم بينة به فيغرم ولا تسمع دعواه ; لأنه أكذبها كما سيأتي في القضاء في قوله : وإن أنكر مطلوب المعاملة فالبينة ثم لا تسمع بينته بالقضاء بخلاف لا حق لك علي

التالي السابق


( قوله فواضح ) أي أخذ الوكيل لذلك الثمن عوضا عما دفعه من التسمية أو القيمة ( قوله أي استمر إلخ ) أي لأن بغرمه القيمة أو التسمية أولا قد دفع النقص ( قوله وضمن إن أقبض الدين ولم يشهد ) أي لتفريطه بعدم الإشهاد ومحل الضمان ما لم يكن الدفع بحضرة الموكل ، فإن كان بحضرته فلا ضمان على الوكيل بعدم الإشهاد ومصيبة ما أقبض على الموكل لتفريطه بعدم الإشهاد بخلاف الضامن يدفع الدين بحضرة المضمون حيث أنكر رب الدين القبض فإن [ ص: 391 ] مصيبة ما دفع من الضامن ولا رجوع له به على المضمون والفرق بين المسألتين حيث جعل الدافع في الأولى غير مفرط وفي الثانية مفرطا مع أن الدفع في كل منهما بحضرة من عليه الدين أن ما يدفعه الوكيل مال الموكل فكان على رب المال أن يشهد بخلاف الضامن فإنه إنما يدفع من مال نفسه فعليه الإشهاد لحفظ مال نفسه فهو مفرط بعدم الإشهاد .

( قوله وأنكر ) أي ربه القبض ( قوله أو غاب ) أي وطلب ذلك الدين وكيله لعدم علمه بقبض موكله ( قوله على المذهب ) وقيل لا ضمان عليه إذا جرت العادة بعدم الإشهاد وعلى المذهب فيستثنى هذا من قاعدة العمل بالعرف أما لو اشترط الوكيل على الموكل عدم الإشهاد فلا غرم عليه ( قوله سواء إلخ ) تعميم في المفهوم أي ، فإن قامت له بينة بالإقباض فلا ضمان عليه سواء أشهدها على الإقباض اتفاقا أو عاينت الإقباض بدون قصد إشهاد على المشهور .

( قوله بفتح الهاء ) أي مع ضم الياء مبنيا للمفعول ونائب الفاعل ضمير مستتر عائد على الإقباض أي ولم يشهد عليه ولم تقم له شهود بالإقباض ( قوله أو باع بكطعام ) حاصله أنه إذا وكله على بيع سلعة فباعها بطعام أو عرض والعادة أنها لا تباع بذلك بل العين وادعى الوكيل أن موكله أذنه في ذلك ونازعه الموكل بأن قال ما أذنتك كان القول قول الموكل ويضمن الوكيل إذا فاتت السلعة بمعنى أن الموكل يخير إن شاء أخذ منه قيمتها ، وإن شاء أجاز البيع بما وقع به فمعنى ضمانه أنه معرض للضمان لا أنه يضمنه بالفعل ، وأما إن كانت السلعة قائمة فإن الموكل يخير بين رد البيع وأخذها وبين إجازته ( قوله أو بالرد ) أي لمن قبضه منه ( قوله إن ادعاه ) أي ما ذكر من التلف والرد ( قوله ينكر ما عليه من الدين ) الأولى ينكر المعاملة ; لأن قوله لا دين لك علي مثل قوله لا حق لك علي وقوله ولا تسمع دعواه الأولى ولا تسمع بينته ; لأنه أكذبها .

( قوله ثم لا تسمع بينته ) أي لا تسمع بينة المطلوب إذ شهدت بالقضاء بعد إنكاره المعاملة ( قوله بخلاف لا حق لك علي ) أي بخلاف ما إذا قال المدعى عليه لا حق لك علي فأقام المدعي بينة بالحق وأشهد المدعى عليه بينة بالقضاء فإنها تقبل بينته




الخدمات العلمية