الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن زاد ) في الحمل ( ما تعطب به ) وعطبت ( فله ) أي لربها ( قيمتها ) وقت الزيادة ; لأنه وقت التعدي ( أو كراؤه ) أي الزائد فقط ; لأن خيرته تنفي ضرره ( كرديف ) تعدى المستعير في حمله معه فهلكت فربها مخير بين أخذ القيمة ، أو كراء الرديف ( واتبع به ) الرديف ( إن أعدم ) المردف ( ولم يعلم ) الرديف ( بالإعارة ) ، وإذا غرم الرديف لم يرجع على المردف ; لأنه يقول للرديف إنما توجه على الغرم بسببك فإن أيسر المردف لم يتبع الرديف إن لم يعلم بالعداء خلافا لظاهر المصنف أنه لا يتبع الرديف مطلقا ومفهوم لم يعلم أنه إن علم بالعداء اتبع مع عدم المردف وملائه وحيث تعلق الضمان بهما فهل تقضى القيمة على قدر ثقلهما ، أو نصفين ; لأن هلاكها كان بهما معا ولو انفرد كل لم تهلك ؟ خلاف .

التالي السابق


( قوله ، وإن زاد إلخ ) أي ، وإن استعار دابة ليحمل عليها شيئا معلوما فخالف وزاد إلخ واعلم أن الصور ست ; لأنه إذا زاد ما تعطب به تارة تعطب وتارة تتعيب وتارة تسلم ، فالأولى منطوق قول المصنف ، وإن زاد إلخ ، والثانية لم يتكلم عليها المصنف ولا تدخل تحت قوله ، وإلا وحكمها أن ربها يأخذ من المتعدي الأكثر من كراء الزائد ، وأرش العيب ، والثالثة داخلة في قوله ، وإلا فكراؤه كما أنه إن زاد ما لا تعطب به ففيه الصور الثلاث وكلها داخلة في قول المصنف ، وإلا فكراؤه ، وهذه الأحوال الستة إذا كانت الزيادة في الحمل لا في المسافة ، وأما الزيادة في المسافة فسيأتي الكلام عليها .

( قوله ، أو كراؤه ) أي الزائد ومعرفة ذلك أن يقال : كم يساوي كراؤها فيما استعارها له ؟ فإذا قيل عشرة قيل : وكم يساوي كراؤها فيما حمل عليها المأذون فيه وغيره ؟ فإذا قيل خمسة عشر دفع إليه الخمسة الزائدة على كراء ما استعيرت له ( قوله كرديف تعدى المستعير في حمله ) أي فيخير ربها على الوجه السابق أي ولو كان ذلك الرديف صبيا ، أو عبدا ، أو سفيها ( قوله واتبع به إن أعدم ولم يعلم ) أي واتبع الرديف بما رضي به ربها من قيمة الدابة ، أو كراء الزائد إن أعدم المردف ، والحال أن ذلك الرديف لم يعلم بالإعارة ، وهذا قول ابن القاسم ، وقال أشهب حيث كان الرديف لم يعلم بالإعارة فلا ضمان عليه ولو كان المردف معسرا ; لأنه غير متعد ورده اللخمي بأنه ، وإن كان غير متعد إلا أنه مخطئ ، والعمد ، والخطأ في أموال الناس سواء ، وأما ومحل إتباع الرديف بما رضي به رب الدابة إذا أعدم المردف إن كان ذلك الرديف رشيدا ، وأما إن كان عبدا ، أو صبيا ، أو سفيها فإنه لا يتبع بشيء إذا لم يعلم بالعداء ، وإلا كان جناية في رقبة العبد وضمن المحجور كما تقدم في قوله وضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه ، أفاده شيخنا العدوي ( قوله فإن أيسر المردف ) أي فإن كان المردف موسرا ( قوله خلافا لظاهر المصنف أنه لا يتبع الرديف ) أي إذا كان المردف مليا وقوله مطلقا أي علم الرديف بالعداء أو لا وليس كذلك ; بل مفهوم قول المصنف إن أعدم المردف تفصيل وحاصله أنه إن كان المردف مليا لم يتبع الرديف إن لم يعلم بالعداء ، وإلا اتبع أيضا وصار للمعير غريمان ( قوله ومفهوم لم يعلم إلخ ) الأولى حذفه ; لأنه مستفاد مما قبله وحاصل الفقه أن الرديف إما أن يعلم بالإعارة ، أو لا يعلم بها وفي كل إما أن يكون المردف مليا ، أو معدما فإن لم يعلم الرديف بالإعارة غرم إن أعدم المردف ، وإن كان مليا لم يلزم الرديف شيء ، وإنما يغرم المردف ، وإن علم الرديف بالإعارة اتبع مع عدم المردف وملائه كما يتبع المردف فيكون لرب الدابة غريمان يخير في اتباع أيهما ( قوله وحيث تعلق الضمان بهما ) أي كما لو علم الرديف بالإعارة كان المردف مليا ، أو معدما ( قوله فهل تقضى القيمة ) أراد بها ما أخذه رب الدابة من أحدهما فيشمل القيمة وكراء الرديف .




الخدمات العلمية