[ ص: 511 ] قوله : يعصرون قرأ الأخوان " تعصرون " بالخطاب ، والباقون بياء الغيبة ، وهما واضحتان ، لتقدم مخاطب وغائب ، فكل قراءة ترجع إلى ما يليق به . و " يعصرون " يحتمل أوجها ، أظهرها : أنه من عصر العنب أو الزيتون أو نحو ذلك . والثاني : أنه من عصر الضرع إذا حلبه . والثالث : أنه من العصرة وهي النجاة ، والعصر : المنجى . وقال أبو زبيد في عثمان رضي الله عنه :
2800 - صاديا يستغيث غير مغاث ولقد كان عصرة المنجود
ويعضد هذا الوجه مطابقة قوله فيه يغاث الناس يقال : عصره يعصره ، أي : أنجاه .وقرأ جعفر بن محمد والأعرج : " يعصرون " بالياء من تحت ، وعيسى البصرة بالتاء من فوق ، وهو في كلتا القراءتين مبني للمفعول . وفي هاتين القراءتين تأويلان ، أحدهما : أنها من عصره ، إذا أنجاه ، قال الزمخشري : " وهو مطابق للإغاثة " . والثاني : قاله قطرب أنها من الإعصار ، وهو إمطار السحابة الماء كقوله : وأنزلنا من المعصرات . قال الزمخشري : " وقرئ " يعصرون " : يمطرون من أعصرت السحابة ، وفيه وجهان : إما أن يضمن أعصرت معنى مطرت فيعدى تعديته ، وإما أن يقال : الأصل : أعصرت [ ص: 512 ] عليهم فحذف الجار وأوصل الفعل [إلى ضميرهم ، أو يسند الإعصار إليهم مجازا فجعلوا معصرين " ] .
وقرأ زيد بن علي : " تعصرون " بكسر التاء والعين والصاد مشددة ، وأصلها تعتصرون فأدغم التاء في الصاد ، وأتبع العين للصاد ، ثم أتبع التاء للعين ، وتقدم تحريره في أمن لا يهدي .
ونقل النقاش قراءة " يعصرون " بضم الياء وفتح العين وكسر الصاد مشددة من " عصر " للتكثير . وهذه القراءة وقراءة زيد المتقدمة تحتملان أن يكونا من العصر للنبات أو الضرع ، أو النجاة كقول الآخر :
2801 - لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري


