الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (15) قوله تعالى : فلما ذهبوا : يجوز في جوابها أوجه ، أحدها : أنه محذوف ، أي : عرفناه وأوصلنا إليه الطمأنينة . وقدره الزمخشري : " فعلوا به ما فعلوا من الأذى " وذكر حكاية طويلة . وقدره غيره : عظمت فتنتهم . وآخرون " جعلوه فيها " . وهذا أولى لدلالة الكلام عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني : أن الجواب مثبت ، وهو قوله قالوا يا أبانا إنا ذهبنا ، أي : لما كان كيت وكيت قالوا . وهذا فيه بعد لبعد الكلام من بعضه .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أن الجواب هو قوله " وأوحينا " والواو فيه زائدة ، أي : فلما ذهبوا به أوحينا ، وهو رأي الكوفيين ، وجعلوا من ذلك قوله تعالى : فلما أسلما وتله ، أي : تله . وقوله : حتى إذا جاءوها فتحت وقول امرئ القيس :


                                                                                                                                                                                                                                      2753 - فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا بطن حقف ذي ركام عقنقل

                                                                                                                                                                                                                                      أي : فلما أجزنا انتحى . وهو كثير عندهم بعد " لما " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : أن يجعلوه مفعول " أجمعوا " ، أي : عزموا على أن يجعلوه ، أو عزموا أن يجعلوه ، لأنه يتعدى بنفسه وبعلى ، فـ " أن " يحتمل أن تكون على [ ص: 454 ] حذف الحرف ، وأن لا تكون ، فعلى الأول يحتمل موضعها النصب والجر ، وعلى الثاني يتعين النصب .

                                                                                                                                                                                                                                      والجعل يجوز أن يكون بمعنى الإلقاء ، وأن يكون بمعنى التصيير ، فعلى الأول يتعلق " في غيابة " بنفس الفعل قبله ، وعلى الثاني بمحذوف . والفعل من قوله : " وأجمعوا " يجوز أن يكون معطوفا على ما قبله ، وأن يكون حالا ، و " قد " معه مضمرة عند بعضهم . والضمير في " إليه " الظاهر عوده على يوسف . وقيل : يعود على يعقوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة : " لتنبئنهم " بتاء الخطاب . وقرأ ابن عمر بياء الغيبة ، أي : الله تعالى . قال الشيخ : " وكذا في بعض مصاحف البصرة " وقد تقدم أن النقط حادث ، فإن قال : مصحف حادث غير مصحف عثمان فليس الكلام في ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ سلام : " لننبئنهم " بالنون . و " هذا " صفة لأمرهم . وقيل : بدل . وقيل : بيان .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وهم لا يشعرون جملة حالية ، يجوز أن يكون العامل فيها " أوحينا " ، أي : أوحينا إليه من غير شعور بالوحي ، وأن يكون العامل فيها " لننبئنهم " ، أي : تخبرهم وهم لا يعرفونك لبعد المدة وتغير الأحوال .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية