الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 382 ] آ . (98) قوله تعالى : فأوردهم : يجوز أن تكون هذه المسألة من باب الإعمال ، وذلك أن " يقدم " يصلح أن يتسلط على " النار " بحرف الجر ، أي : يقدم قومه إلى النار ، وكذا " أوردهم " يصح تسلطه عليها أيضا ، ويكون قد أعمل الثاني للحذف من الأول ، ولو أعمل الأول لتعدى بـ إلى ، ولأضمر في الثاني ، ولا محل لـ " أورد " لاستئنافه ، وهو ماض لفظا مستقبل معنى ؛ لأنه عطف على ما هو نص في الاستقبال . والهمزة في " أورد " للتعدية ، لأنه قبلها يتعدى لواحد . قال تعالى : ولما ورد ماء مدين وقيل : أوقع الماضي هنا لتحققه . وقيل : بل هو ماض على حقيقته ، وهذا قد وقع وانفصل وذلك أنه أوردهم في الدنيا النار . قال تعالى : النار يعرضون عليها . وقيل : أوردهم موجبها وأسبابها ، وفيه بعد لأجل العطف بالفاء .

                                                                                                                                                                                                                                      والورد : يكون مصدرا بمعنى الورود ، ويكون بمعنى الشيء المورد كالطحن والرعي . ويطلب أيضا على الوارد ، وعلى هذا إن جعلت الورد مصدرا أو بمعنى الوارد فلا بد من حذف مضاف تقديره : وبئس مكان الورد المورود ، وهو النار ، وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأن تصادق فاعل نعم وبئس ومخصوصها شرط ، لا يقال : نعم الرجل الفرس . وقيل : بل المورود صفة للورد ، والمخصوص بالذم محذوف تقديره : بئس الورد المورود النار ، جوز من ذلك أبو البقاء وابن عطية ، وهو ظاهر كلام الزمخشري . وقيل : التقدير : بئس القوم المورود بهم هم ، فعلى هذا " الورد " مراد به الجمع [ ص: 383 ] الواردون ، والمورود صفة لهم ، والمخصوص بالذم الضمير المحذوف وهو " هم " ، فيكون ذلك للواردين لا لموضع الورد كذا قاله الشيخ . وفيه نظر لا يخفى : كيف يراد بالورد الجمع الواردون ، ثم يقول والمورود صفة لهم ؟ وفي وصف مخصوص نعم وبئس خلاف بين النحويين منعه ابن السراج وأبو علي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية