الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (36) قوله تعالى : إن عدة : العدة : مصدر بمعنى العدد . و " عند الله " منصوب به ، أي في حكمه . و " اثنا عشر " خبر إن . وقرأ هبيرة عن حفص- وهي قراءة أبي جعفر- اثنا عشر بسكون العين مع ثبوت الألف قبلها ، واستكرهت من حيث الجمع بين ساكنين على غير حديهما كقولهم : " التقت حلقتا البطان " بإثبات الألف من " حلقتا " . وقرأ طلحة بسكون الشين كأنه حمل عشر في المذكر على عشرة في المؤنث .

                                                                                                                                                                                                                                      و " شهرا " نصب على التمييز ، وهو مؤكد لأنه قد فهم ذلك من الأول ، فهو كقولك : " عندي من الدنانير عشرون دينارا " . والجمع متغاير في قوله : " عدة الشهور " ، وفي قوله : الحج أشهر لأن هذا جمع كثرة ، وذاك جمع قلة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : في كتاب الله يجوز أن يكون صفة لاثنا عشر ، ويجوز أن يكون بدلا من الظرف قبله ، وهذا لا يجوز ، أو ضعيف ؛ لأنه يلزم منه أن يخبر عن [ ص: 45 ] الموصول قبل تمام صلته ؛ فإن هذا الجار متعلق به على سبيل البدلية ، وعلى تقدير صحة ذلك من جهة الصناعة ، كيف يصح من جهة المعنى ؟ ، ولا يجوز أن يكون في كتاب الله متعلقا بـ " عدة " لئلا يلزم الفصل بين المصدر ومعموله بخبره ، وقياس من جوز إبداله من الظرف أن يجوز هذا . وقد صرح بجوازه الحوفي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : يوم خلق يجوز فيه أن يتعلق بـ " كتاب " على أنه يراد به المصدر لا الجثة . ويجوز أن يتعلق بالاستقرار في الجار والمجرور ، وهو في كتاب الله ، ويكون الكتاب جثة لا مصدرا . وجوز الحوفي أن يكون متعلقا بـ " عدة " ، وهو مردود بما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : منها أربعة حرم هذه الجملة يجوز فيها ثلاثة أوجه ، أحدها : أن تكون صفة لـ " اثنا عشر " . الثاني : أن تكون حالا من الضمير في الاستقرار . الثالث : أن تكون مستأنفة . والضمير في " منها " عائد على اثنا عشر شهرا لأنه أقرب مذكور لا على " الشهور " . والضمير في " فيهن " عائد على " الاثنا عشر " أيضا . وقال الفراء وقتادة يعود على الأربعة الحرم ، وهذا أحسن لوجهين ، أحدهما : أنها أقرب مذكور . والثاني : أنه قد تقرر أن معاملة جمع القلة غير العاقل معاملة جماعة الإناث أحسن من معاملة ضمير الواحدة ، والجمع الكثير بالعكس : " الأجذاع انكسرن " و " الجذوع انكسرت " ويجوز العكس .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : كافة منصوب على الحال : إما من الفاعل ، أو من المفعول ، وقد تقدم أن " كافة " لا يتصرف فيها بغير النصب على الحال ، وأنها لا تدخلها أل وأنها لا تثنى ولا تجمع ، وكذلك " كافة " الثانية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية