الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ومن ضرب رجلا بمر فقتله ، فإن أصابه بالحديد قتل به وإن أصابه [ ص: 229 ] بالعود فعليه الدية ) قال رضي الله عنه : وهذا إذا أصابه بحد الحديد لوجود الجرح فكمل السبب ، وإن أصابه بظهر الحديد فعندهما يجب ، وهو رواية عن أبي حنيفة اعتبارا منه للآلة ، وهو الحديد

وعنه إنما يجب إذا جرح ، وهو الأصح على ما نبينه إن شاء الله تعالى ، وعلى هذا الضرب بسنجات الميزان ; وأما إذا ضربه بالعود فإنما تجب الدية لوجود قتل النفس المعصومة وامتناع القصاص حتى لا يهدر الدم ، ثم قيل : هو بمنزلة العصا الكبيرة فيكون قتلا بالمثقل ، وفيه خلاف أبي حنيفة على ما نبين ، وقيل هو بمنزلة السوط ، وفيه خلاف الشافعي وهي مسألة الموالاة

له أن الموالاة في الضربات إلى أن مات دليل العمدية فيتحقق الموجب

ولنا ما روينا { ألا إن قتيل خطإ العمد } ويروى " شبه العمد " الحديث ولأن فيه شبهة عدم العمدية ; لأن الموالاة قد تستعمل للتأديب أو لعله اعتراه القصد في خلال الضربات فيعرى أول الفعل عنه وعساه أصاب المقتل ، والشبهة دارئة للقود فوجب الدية

التالي السابق


( قوله : ثم قيل : هو بمنزلة العصا الكبيرة فيكون قتلا بالمثقل ، وفيه خلاف أبي حنيفة ) أقول : كان حق التحرير هنا أن يقول : وفيه خلاف أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ; لأن الحكم المذكور فيما سبق في أصل المسألة وجوب الدية عند الإصابة بالعود لا وجوب القود عند ذلك ، وخلاف أبي حنيفة في وجوب القود في القتل بالمثقل لا في وجوب الدية فيه فإن وجوبها فيه عين مذهب أبي حنيفة ، وإنما الخلاف فيه لأبي يوسف ومحمد

وقصور تحرير المصنف هنا مع كونه ظاهرا جدا لم يتعرض له أحد من الشراح لا من جهة القدح ولا من جهة التوجيه فكأنهم لم يتنبهوا له




الخدمات العلمية