قال : ( وإذا لم يضمن ، وإن كان الذي فعل ذلك من غير العشيرة ضمن ) قالوا : هذا عند كان المسجد [ ص: 318 ] للعشيرة فعلق رجل منهم فيه قنديلا أو جعل فيه بواري أو حصاة فعطب به رجل ، وقالا : لا يضمن في الوجهين جميعا ، لأن هذه من القرب وكل أحد مأذون في إقامتها فلا يتقيد بشرط السلامة ، كما إذا فعله بإذن واحد من أهل المسجد . أبي حنيفة وهو الفرق أن التدبير فيما يتعلق بالمسجد لأهله دون غيرهم كنصب الإمام واختيار المتولي وفتح بابه وإغلاقه وتكرار الجماعة إذا سبقهم بها غير أهله فكان فعلهم مباحا مطلقا غير مقيد بشرط السلامة وفعل غيرهم تعديا أو مباحا مقيدا بشرط السلامة ، وقصد القربة لا ينافي الغرامة إذا أخطأ الطريق كما إذا تفرد بالشهادة على الزنا والطريق فيما نحن فيه الاستئذان من أهله . قال : ( وإن ولأبي حنيفة لم يضمن إن كان في الصلاة ، وإن كان في غير الصلاة ضمن ) وهذا عند جلس فيه رجل منهم فعطب به رجل ، وقالا : لا يضمن على كل حال . أبي حنيفة
[ ص: 319 ] ولو كان جالسا لقراءة القرآن أو للتعليم أو للصلاة أو نام فيه في أثناء الصلاة أو في غير الصلاة أو مر فيه مارا أو قعد فيه لحديث فهو على هذا الاختلاف ، وأما المعتكف فقد قيل على هذا الاختلاف ، وقيل لا يضمن [ ص: 320 ] بالاتفاق . لهما أن المسجد إنما بني للصلاة والذكر ولا يمكنه أداء الصلاة بالجماعة إلا بانتظارها فكان الجلوس فيه مباحا لأنه من ضرورات الصلاة ، أو لأن المنتظر للصلاة في الصلاة حكما بالحديث فلا يضمن كما إذا كان في الصلاة .
وله أن المسجد إنما بني للصلاة ، وهذه الأشياء ملحقة بها فلا بد من إظهار التفاوت فجعلنا الجلوس للأصل مباحا مطلقا والجلوس لما يلحق به مباحا مقيدا بشرط السلامة ولا غرو أن يكون الفعل مباحا أو مندوبا إليه وهو مقيد بشرط السلامة كالرمي إلى الكافر أو إلى الصيد والمشي في الطريق والمشي في المسجد إذا وطئ غيره والنوم فيه إذا انقلب على غيره ( وإن جلس رجل من غير العشيرة فيه للصلاة فتعقل به إنسان ينبغي أن لا يضمن ) لأن المسجد بني للصلاة وأمر الصلاة بالجماعة إن كان مفوضا إلى أهل المسجد فلكل واحد من المسلمين أن يصلي فيه وحده . .
[ ص: 321 ]