( والبلوغ ) يحصل    ( باستكمال خمس عشرة سنة ) قمرية تحديدية حتى لو نقصت يوما لم يحكم ببلوغه  ،  وابتداؤها من انفصال جميع الولد لخبر  ابن عمر  رضي الله عنهما { عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد  وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ولم يرني بلغت  ،  وعرضت عليه يوم الخندق  وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ورآني بلغت   } ومراده بقوله { وأنا ابن أربع عشرة سنة   } : أي طعنت فيها  ،  وبقوله وأنا ابن خمس عشرة سنة أي استكملتها ; لأن غزوة أحد  كانت في شوال سنة ثلاث  [ ص: 358 ] والخندق  في جمادى سنة خمس وقد قال القمولي    : عن  الشافعي    { إنه صلى الله عليه وسلم رد سبعة عشر صحابيا وهم أبناء أربع عشرة سنة ; لأنه لم يرهم بلغوا  ،  وعرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة سنة فأجازهم  ،  منهم  زيد بن ثابت   ورافع بن خديج   وابن عمر    } ( أو خروج المني ) لوقت إمكانه من ذكر أو أنثى لقوله تعالى { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا    } وخبر { رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم   } . 
والحلم الاحتلام  ،  وهو لغة ما يراه النائم  ،  والمراد به هنا خروج المني في نوم أو يقظة بجماع أو غيره  ،  فتعبيره بالخروج أعم من تعبير أصله بالاحتلام  ،  وكلام المصنف  يقتضي تحقق خروج المني  ،  فلو أتت زوجة الصبي بولد يلحقه  لا يحكم ببلوغه به وهو المنصوص ونقله الرافعي  في باب اللعان عن الأصحاب ; لأن الولد يلحق بالإمكان  ،  والبلوغ لا يكون إلا بتحققه  ،  وعلى هذا لا يثبت إيلاده إذا وطئ أمته وأتت بولد  ،  وهو كذلك خلافا للبلقيني  في ثبوت إيلاده والحكم ببلوغه ( ووقت إمكانه استكمال تسع سنين ) قمرية بالاستقراء  ،  وأفهم تعبيره بالاستكمال أنها تحديدية  ،  وهو كذلك كما مر وإن بحث بعض المتأخرين أنها تقريبية كالحيض ; لأن الحيض ضبط له أقل وأكثر فالزمن الذي لا يسع أقل الحيض والطهر وجوده كالعدم بخلاف المني  ،  وسواء في ذلك الذكر والأنثى ( ونبات ) شعر ( العانة ) الخشن الذي يحتاج في إزالته إلى نحو حلق  ،  وظاهر أنها اسم للمنبت لا للنابت وفيه خلاف لأهل اللغة  ،  والأشهر أنها النابت وأن المنبت شعرة بكسر أوله ( يقتضي الحكم ببلوغ ولد الكافر ) ومن جهل إسلامه إذا كان على فرج واضح أو فرجي مشكل معا كما قاله جمع متقدمون  ،  وتوقف البلقيني  فيه يجاب عنه بما يأتي من أنه دليل على البلوغ بالاحتلام فاشترط كونه على الفرجين كما يشترط خروج المني منهما وشمل كلامه الذكر والأنثى وهو كذلك  ،  خلافا للجوري  لما صح عن  [ ص: 359 ] عطية القرظي    : كنت من سبي بني قريظة  فكانوا ينظرون من أنبت الشعر قتل  ،  ومن لم ينبت لم يقتل  ،  فكشفوا عن عانتي فوجدوها لم تنبت فجعلوني في السبي . 
ووقت إمكانه وقت إمكان الاحتلام  ،  ولو لم يحتلم وشهد عدلان بأن سنه دون خمس عشرة سنة لم يحكم ببلوغه بالإنبات  ،  قاله الماوردي    . 
وقضيته أنه دليل البلوغ بالسن  ،  وقال الإسنوي  كالسبكي  يتجه أنه دليل للبلوغ بأحدهما ا هـ . 
وهذا هو الأصح . 
ويجوز النظر إلى عانة من احتجنا لمعرفة بلوغه  للخبر المار وخرج بها شعر اللحية والإبط فليس دليلا للبلوغ لندورهما دون خمس عشرة سنة  ،  ولأن إنباتهما لو دل على البلوغ لما كشفوا العانة في وقعة بني قريظة  لما فيه من كشف العورة مع الاستغناء عنه  ،  وفي معناهما الشارب وثقل الصوت ونهود الثدي ونتو طرف الحلقوم وانفراق الأرنبة ونحو ذلك ( لا المسلم في الأصح ) فلا يكون علامة على بلوغه لسهولة مراجعة آبائه وأقاربه المسلمين  ،  ولأنه متهم في الإنبات فربما تعجله بدواء دفعا للحجر وتشوفا للولايات  ،  بخلاف غيره فإنه يفضي به إلى القتل أو ضرب الجزية  ،  وهذا جرى على الأصل والغالب ; إذ الأنثى والخنثى ومن تعذرت مراجعة أقاربه المسلمين كذلك  ،  ويصدق ولد كافر سبي فادعى الاستعجال بالدواء بيمينه لدفع القتل لا لإسقاط جزية لو كان من أولاد أهل الذمة  وطولب بها  ،  والفرق الاحتياط لحق المسلمين في الحالين ويجب تحليفه في الأولى إذا أراده ولا يشكل تحليفه بأنه يثبت صباه  ،  والصبي لا يحلف لمنع كونه يثبته بل هو ثابت بالأصل  ،  وإنما العلامة وهي الإنبات عارضها دعواه الاستعجال فضعفت دلالتها على البلوغ فاحتيج لمعين لما عارضها  ،  وأيضا فالاحتياط لحقن الدم قد يوجب مخالفة القياس  ،  ولذا قبلت جزية المجوس  مع حرمة  [ ص: 360 ] مناكحتهم علينا . 
وهذا التفصيل هو المعتمد وتزيد المرأة عليه ( حيضا ) لوقت إمكانه السابق بالإجماع ( وحبلا ) وعبر غيره بالولادة وكل منهما ليس بلوغا  ،  وإنما البلوغ بالإنزال  ،  والولادة المسبوقة بالحبل دليل عليه  ،  ومن ثم يحكم بالبلوغ قبلها بستة أشهر ولحظة  ،  فلو أتت المطلقة بولد يلحق الزوج  حكمنا بالبلوغ لها قبل الطلاق بما مر وسكت المصنف  عن الخنثى المشكل وحكمه أنه إن أمنى بذكره وحاض من فرجه حكم ببلوغه  ،  لا إن وجدا أو أحدهما من أحد الفرجين لجواز أن يظهر من الآخر ما يعارضه  ،  كذا قاله الجمهور  ،  وهو المعتمد  ،  وإن قال الإمام    : ينبغي الحكم ببلوغه بأحدهما كما يحكم بالإيضاح به ثم يغير إن ظهر خلافه  ،  وقال الرافعي    : إنه الحق وسكت عليه المصنف  ،  وأما قول الإمام  كالحكم بالإيضاح به ففرق ابن الرفعة  بين الحكم بالبلوغ بذلك وبين الحكم بالذكورة والأنوثة بأن احتمال ذكورته مساو لاحتمال أنوثته  ،  فإذا ظهرت صورة مني به أو حيض في وقت إمكانه غلب على الظن الذكورة أو الأنوثة فتعين العمل به مع أنه لا غاية بعده محققة تنتظر  ،  ولا يحكم بالبلوغ ; لأن الأصل الصبا فلا نبطله عما يجوز أن يظهر بعده ما يقدح في ترتب الحكم عليه مع أن لنا غاية تنتظر  ،  وهي استكمال خمس عشرة سنة . 
وأما قوله : ثم يغير فقال الأذرعي    : تغير الحكم فيما يمكن من الأقوال والأفعال التي تبقى معها الحياة ظاهر  ،  لكن إذا حكمنا ببلوغه رتبنا عليه أثره من القتل بقود وردة وغيرهما مع بقاء الشك في البلوغ وفيه بعد ا هـ . 
وقال المتولي    : إن وقع ذلك مرة لم يحكم ببلوغه وإن تكرر حكمنا به . 
قال المصنف    : وهو حسن غريب . 
قال الإسنوي    : والاستدلال بالحيض على الأنوثة وبالمني عليها أو على الذكورة شرطه  التكرار  ،  والإمام  والرافعي  استندا في تصويب الأخذ بأحد الأمرين إلى القياس على الأخذ بالذكورة أو الأنوثة فعلم أن صورة ذلك في التكرار ا هـ .  [ ص: 361 ] فعلم من ذلك أن كلام الإمام  موافق لكلام المتولي  ،  ومر وجوب الغسل بخروج المني من غير طريقه المعتاد  ،  فعليه لا منافاة بين الحيض وخروج المني من الذكر لكن ذاك محله مع انسداد الأصلي وهو منتف هنا 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					