الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولا يصح ضمان الدية عن العاقلة قبل الحلول ، ولو ضمن عنه زكاته أو كفارته صح كدين الآدمي ، ويعتبر الإذن عند الأداء إن ضمن عن حي ، فإن كان عن ميت لم يتوقف الأداء على إذن كما ذكره الرافعي في باب الوصية ( ولو ) ( قال ضمنت مما لك على زيد ) أو أبرأتك أو نذرت لك مثلا ( من درهم إلى عشرة ) ( فالأصح صحته ) لانتفاء الغرض بذكر الغاية والثاني لا يصح لجهالة المقدار ، فإنه متردد بين الدرهم والعشرة ( و ) على الأول فالأصح ( أنه يكون ضامنا لعشرة ) إن كانت عليه أو أكثر منها ومبرأ منها وناذرا لها إدخالا للطرفين في الالتزام ( قلت : الأصح ) أنه يكون ضامنا ومبرأ وناذرا ( لتسعة والله أعلم ) إدخالا للأول ; لأنه مبتدأ الالتزام ولترتب صحة ما بعده عليه ، وقيل لثمانية إخراجا لهما ; لأنه اليقين ، ولا يتأيد الأول بقولهم : إن الغاية متى كانت من جنس المغيا دخلت ; لأن هذا في غير ما نحن فيه ، إذ هو في الأمور الاعتبارية وما نحن فيه في الأمور الإلزامية وهي مما يحتاط لها ، ويأتي ذلك في الإقرار كما سيذكره ، ولو لقن صيغة نحو إبراء ثم ادعى جهله بمدلولها قبل منه ذلك بيمينه إن أمكن خفاء ذلك عليه عادة وإلا فلا كما يأتي في النذر ، ولا يعارض ما مر أنه لو قال أنت طالق من واحدة إلى ثلاث حيث تقع الثلاث ; لأن الطلاق [ ص: 445 ] محصور في عدد فالظاهر استيفاؤه ، بخلاف الديون لا حصر لأفرادها ، ولو ضمن ما بين درهم وعشرة لزمه ثمانية ، ولو مات مدين فسأل وارثه دائنه أن يبرئه ويكون ضامنا لما عليه فأبرأه ظانا صحة الضمان ، وأن الدين انتقل إلى ذمة الضامن لم يصح الإبراء ; لأنه بناه على ظن انتقاله للضامن ولم ينتقل عليه ; لأن الضمان بشرط براءة الأصيل غير صحيح ، ويدل لبطلان الإبراء قول الأم وتبعوه : لو صالحه من ألف على خمسمائة صلح إنكار ثم أبرأه من خمسمائة ظانا صحة الصلح لم يصح الإبراء عين الخمسمائة التي أبرأ منها أم لا ، وقولهم لو أتى المكاتب لسيده بالنجوم فأخذها منه ، وقال : اذهب فأنت حر خرج المال مستحقا بان عدم عتقه ; لأنه إنما عتقه بظن سلامة العوض ، وقولهم : لو أتى بالبيع المشروط في بيع ظانا صحة الشرط بطل أو عالما فساده صح ، ولا ينافيه صحة الرهن بظن الوجوب لما مر .

                                                                                                                            ولما ذكر البلقيني ذلك قال : وهذا يدل على أن المأتي به في نحو ذلك على ما أعتقده مخالفا لما في الباطن لا يؤاخذ به ، وتزييف الإمام لقول القاضي الموافق لذلك مزيف ا هـ .

                                                                                                                            ويؤخذ من قوله في نحو ذلك أنه لا بد في تصديقه من قرينة تقتضي صدق ما ادعاه من الظن ، ولو أبرأه في الدنيا دون الآخرة برئ فيهما لأن أحكام الآخرة مبنية على الدنيا ، ويؤخذ منه مساواة عكسه له إلا أن يقال : إنه إبراء معلق ، لكن مر صحة تعليقه بالموت فيمكن أن يقال هذا مثله ، ولو كان له دين أصلي ودين ضمان على آخر فقال أبرأتك مما لي عليك برئ منهما .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويعتبر الإذن ) أي من المضمون عنه ( قوله : عند ) أي لأجل

                                                                                                                            ( قوله : الأداء ) أي للزكاة والكفارة

                                                                                                                            ( قوله : مما لك ) مثله ما لك ع

                                                                                                                            ( قوله : أو نذرت لك ) ومثله ما لو قال رهنت على ما لك علي من الدين من درهم إلى عشرة ا هـ حج .

                                                                                                                            وانظر ما حكم بقية التصرفات فيه نظر ولا يبعد إلحاقها بما ذكر لأنه حيث حمل المجهول على جملة ما قبل الغاية كان كالمعين

                                                                                                                            ( قوله : دخلت ) قضيته أن دخول الغاية فيما ذكر متفق عليه وليس كذلك بل هي من محل الخلاف والراجح فيها عدم الدخول ( قوله الاعتبارية ) كغسل الوجه [ ص: 445 ] قوله : وعشرة ) أي وإلى عشرة ا هـ زيادي ( قوله : لما مر ) أي من قوله ثم بعد قول المصنف شرط المرهون به إلخ لوجود مقتضيه ، والمراد بمقتضيه وجود الدين

                                                                                                                            ( قوله : في نحو ذلك على ) أي بناء على إلخ

                                                                                                                            ( قوله : ويؤخذ منه إلخ ) معتمد ( قوله برئ منهما ) أي فلو قال : أردت الإبراء من دين الضمان دون الثمن مثلا لم يقبل ظاهرا ما لم تدل قرينة على ذلك



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 444 ] . ( قوله : ويعتبر الإذن ) أي : لصحتها زكاة . ( قوله : إذ هو في الأمور الاعتبارية ) ونازع الشهاب سم في هذه التفرقة [ ص: 445 ] وقال : إنها لا مستند لها . ( قوله : مخالفا ) حال من المأتي به . ( قوله : على آخر ) خبر كان .




                                                                                                                            الخدمات العلمية