( ويتصرف ) له ( الولي ) أبا أو غيره ( بالمصلحة ) وجوبا لقوله تعالى { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } وقوله { وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح } واقتضى كلامه كأصله امتناع تصرف استوى طرفاه ، وهو كذلك لانتفاء المصلحة فيه ، وقد صرح بذلك الشيخ أبو محمد والماوردي ، ويجب على الولي حفظ مال المولى عليه عن أسباب التلف واستنماؤه قدر ما يحتاج إليه في مؤنة من نفقة وغيرها إن أمكن ولا تلزمه المبالغة ، وللولي بدل بعض مال اليتيم وجوبا لتخليص الباقي عند الخوف عليه من استيلاء ظالم كما يستأنس لذلك بخرق الخضر للسفينة ، ولو كان للصبي كسب لائق به أجبره الولي على الاكتساب ليرتفق به في ذلك .
ويندب شراء العقار له ، بل هو أولى من التجارة عند حصول الكفاية من ريعه كما قاله الماوردي ، ومحله عند الأمن عليه من جور السلطان أو غيره أو خراب للعقار ولم يجد به ثقل خراج وله السفر بمال المولى عليه لنحو صبا أو جنون في زمن أمن صحبة ثقة وإن لم تدع له ضرورة من نحو نهب ; إذ المصلحة قد تقتضي ذلك إلا في نحو بحر إن غلبت السلامة ; لأنه مظنة عدمها .
أما الصبي فيجوز إركابه البحر [ ص: 376 ] عند غلبتها خلافا للإسنوي ويفارق ماله بأنه إنما حرم ذلك في المال منافاته غرض ولايته عليه في حفظه وتنميته بخلافه هو كما يجوز إركاب نفسه ، والصواب كما قاله الأذرعي عدم تحريم إركاب البهائم والأرقاء والحامل عند غلبة السلامة ( ويبني دوره ) ومساكنه ( بالطين والآجر ) أي الطوب المحرق ; لأن الطين قليل المؤنة ، وينتفع به بعد النقض ، والآجر يبقى ( لا اللبن ) وهو ما لم يحرق من الطوب ( والجص ) أي الجبس ; لأن اللبن قليل البقاء وينكسر عند النقض ، والجص كثير المؤنة ولا تبقى منفعته عند النقض بل يلصق بالطوب فيفسده ، وتعبيره كأصله في الجص بالواو بمعنى أو ففيها دلالة على الامتناع في اللبن سواء أكان مع الطين أم الجص ، وعلى الامتناع في الجص سواء أكان مع اللبن أم الآجر وهو كذلك ، ولفهم المنع فيما عداهما ، والمجنون والسفيه كالصبي فيما ذكر ، وما ذكره من قصر البناء على الآجر والطين هو ما نص عليه الشافعي وجرى عليه الجمهور ، وهو المعتمد ، وإن اختار كثير من الأصحاب جواز البناء على عادة البلد كيف كان ، واختاره الروياني واستحسنه الشاشي .
قال في البيان بعد حكاية ما مر عن النص : وهذا في البلاد التي يعز فيها وجود الحجارة ، فإن كان في بلد توجد الحجارة فيه فهي أولى من الآجر ; لأن بقاءها أكثر وأقل مؤنة ، وما اشترطه ابن الصباغ في جواز البناء للمحجور عليه أن يساوي كلفته ، وبه صرح في البيان فيه كما قال بعضهم : منع للبناء ; لأن مساواته لكلفته في غاية الندور وكما يجوز بناء عقاره يجوز ابتداء بنائه له .
نعم محله إن لم يكن شراؤه أحظ كما نبه عليه بعض أهل اليمن ، وقال ابن الملقن : إنه فقه ظاهر .


