( ويجوز أن يصالح على إجراء الماء وإلقاء الثلج في ملكه على مال ) كحق البناء ، ومحل الجواز في الثلج إذا كان في أرض الغير لا في سطح لما فيه من الضرر ، بخلاف الماء حيث يجوز فيهما هذا في الماء المجلوب من نهر ونحوه إلى أرضه أو الحاصل إلى سطحه من المطر ، أما ماء غسالة الثياب والأواني فلا يجوز الصلح على إجرائها على مال ; لأنه مجهول لا تدعو الحاجة إليه ، كذا قالاه تبعا للمتولي ، واعترضه البلقيني بأنه لا مانع منه إذا بين قدر الجاري إذا كان على السطح وبين موضع الجريان إذا كان على الأرض ، والحاجة إلى ذلك أكثر من الحاجة إلى البناء فليس كل الناس يبني ، وغسل الثياب والأواني لا بد منه لكل الناس أو الغالب [ ص: 414 ] وهو بلا شك يزيد على حاجة البناء ، فمن بنى حماما وبجانبه أرض لغيره فأراد أن يشتري منه حق ممر الماء فلا توقف في جواز ذلك بل الحاجة إليه أكثر من حاجة البناء على الأرض ، فلعل مراد المتولي من ذلك حيث كان على السطح ، ولم يحصل البيان في قدر ما يصب وشرط المصالحة على إجراء ماء المطر على سطح غيره أن لا يكون له مصرف إلى الطريق إلا بمروره على سطح جاره ، قاله الإسنوي : ويجوز ذلك في الأرض المستأجرة ونحوها كما قاله سليم في التقريب وغيره ، قال : لكن يعتبر هنا أمران : التأقيت ; لأن الأرض غير مملوكة فلا يمكنه العقد عليها مطلقا ، وأن يكون هناك ساقية ; لأنه ليس له إحداث ساقية فيها ابتداء ، وقد علم مما تقرر أن للموقوف عليه إذا كان ناظرا مصالحة غيره على إجراء ماء في ساقية محفورة بالأرض المحفورة لا ليحفر فيها ساقية ، وعلى إجرائه على سطح الدار الموقوفة إن قدر بمدة معلومة لا مطلقا لحق البطن الثاني ، نعم إن صالح بلا مال جاز ، وكان عارية قال العبادي : ولو أذن صاحب الدار لإنسان في حفر بئر تحت داره ثم باعها كان للمشتري أن يرجع كالبائع ، قال الأذرعي : وهذا صحيح مطرد في كل حقوق الدار كالبناء عليها بإعارة أو إجارة انقضت ثبت للمشتري ما ثبت للبائع ا هـ .
ولو بنى على سطحه بعد العقد ما يمنع نفوذ ماء المطر نقبه المشتري ، والمستأجر لا المستعير ، ولا يجب على مستحق إجراء الماء في ملك غيره مشاركته في العمارة له إذا انهدم ولو بسبب الماء ، وأما الأرض فلا حاجة في العارية لها إلى بيان ; لأنها يرجع فيها متى شاء وهي تحمل ما تحمل ، وإن استأجرها لإجراء الماء فيها وجب بيان موضع المجراة وطولها وعرضها وعمقها وقدر المدة ، وظاهر كلامهم إبقاء ذلك على عمومه سواء أكانت الإجارة مقدرة بمدة أم لا ، [ ص: 415 ] ويفرق بينه وبين نظيره في بيع حق البناء بأنها إنما حملت على التأبيد في مسألة البناء عند عدم ذكر المدة لشدة الحاجة إلى دوامه وللتضرر بهدمه ، وليس للمستحق دخول الأرض من غير إذن مالكها إلا لتنقية نهر ، وعليه أن يخرج من أرضه ما يخرجه من النهر ، وليس لمن أذن له في إجراء ماء المطر على السطح طرح الثلج عليه ولا تركه إلى أن يذوب ويسيل إليه ، ومن أذن له في إلقاء الثلج لا يجري المطر ولا غيره ، ولو كان يجري ماء في ملك غيره فادعى المالك أنه كان عارية قبل قوله كما أفتى به البغوي ، ولو صالحه على قضاء حاجة بول أو غائط أو طرح قمامة ولو زبلا في ملك غيره على مال فهو عقد فيه شائبة بيع وإجارة ، وكذا عن المبيت على سقف ولمشتري الدار ما لبائعها من إجراء الماء لا المبيت .


