الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) أذن مدين لدائنه في القبض من مدينه ثم ( قال المستحق عليه ) وهو المدين الآذن لم يصدر مني إلا أني قلت ( وكلتك لتقبض لي وقال المستحق ) وهو الدائن بل الصادر منك أنك ( أحلتني ) فصار الحق لي ( أو قال ) المستحق عليه ( أردت بقولي ) اقبض منه أو ( أحلتك ) بمائة مثلا على عمرو ( الوكالة ) بناء على الأصح وهو صحة الوكالة بلفظ الحوالة ، وإنما خرج هذا من قاعدة ما كان صريحا لاحتماله ولهذا لو لم يحتمل صدق مدعي الحوالة قطعا كما يأتي ( وقال المستحق بل أردت الحوالة صدق المستحق عليه بيمينه ) إذ الأصل بقاء الحقين على ما كانا عليه مع كونه أعرف بنيته ولأنه اختلاف في صفة الإذن ، ولو اختلفا في أصل الإذن فالقول قوله ، فكذا إذا اختلفا في صفته ، وبحلفه تندفع الحوالة ، وبإنكار الآخر الوكالة انعزل فيمتنع قبضه ، فإن كان قد قبض برئ الدافع له ; لأنه وكيل له أو محتال ويلزمه تسليم ما قبضه للحالف وحقه عليه باق : أي إلا أن توجد فيه شروط التقاص أو للظفر كما لا يخفى ، وإن تلف المال [ ص: 431 ] في يده من غير تقصير لم يضمنه لأنه وكيل بزعم خصمه وليس له المطالبة بدينه لأنه استوفاه بزعمه ، وقال الخوارزمي تبعا للبغوي : يضمن لثبوت وكالته ، والوكيل إذا أخذ لنفسه يضمن أما إذا قال أحلتك بالمائة التي لك علي على عمرو فيصدق المستحق بيمينه قطعا ; إذ لا يحتمل سوى الحوالة ، ومحل ذلك عند اتفاقهما على الدين كما أفاده بالمستحق والمستحق عليه فلو أنكر مدعي الوكالة الدين صدق بيمينه في المسألتين ( وفي الصورة الثانية وجه ) أنه يصدق المستحق بيمينه بناء على المرجوح أنه لا تصح الوكالة بلفظ الحوالة لتنافيهما ( وإن ) اختلفا في أصل اللفظ الصادر كأن ( قال ) المستحق عليه ( أحلتك فقال ) المستحق بل ( وكلتني ) أو في المراد من لفظ محتمل ك اقبض أو أحلتك ( صدق النافي بيمينه ) إذ الأصل بقاء حقه في ذمة المستحق عليه وبحلف المستحق اندفعت الحوالة فيأخذ حقه من المستحق عليه ويرجع هذا على المحال عليه ، ويظهر أثر النزاع فيما ذكر عند إفلاس المحال عليه وللمحال أن يحيل ، وأن يحتال من المحال عليه على مدينه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : كما يأتي ) أي في قوله أما إذا قال أحلتك بالمائة التي لك علي إلخ

                                                                                                                            ( قوله : مع كونه ) أي المستحق عليه

                                                                                                                            ( قوله : فالقول قوله ) أي المدين

                                                                                                                            ( قوله : إذا اختلفا في صفته ) وإن اقتضت الفساد كأن قال أردت أن تقبض ما لي عليه لنفسك فإن القبض في نفسه صحيح وللمأذون له باطل ( قوله شروط التقاص ) يتأمل فيه فإن التقاص إنما يكون في دينين متوافقين جنسا وقدرا وصفة [ ص: 431 ] وما هنا دين للمحتال على المحيل وما قبضه المحتال من المحال عليه بتقدير كونه وكيلا هو عين مملوكة للمحيل ، والعين والدين لا تقاص فيهما وشرط الظفر أن يتعذر أخذ المستحق ما له عند غيره كأن يكون منكرا ولا بينة عليه وما هنا ، وإن كان فيه دين للمحتال على المحيل ليس منكرا له فلم توجد فيه شروط الظفر ، ويمكن أن يجاب بحمل ما هنا على ما لو تلف المقبوض من المحال عليه بتقصير من المحتال فيضمن بدله والبدل يجوز أن يكون من جنس دين المحتال وصفته فيقع فيه التقاص وبتقدير عدم تلفه فيجوز أن يتعذر أخذ دين المحتال من المحيل بأن لا يكون به بينة فينكر أصل الدين فيجوز للمحتال أخذه بطريق الظفر

                                                                                                                            ( قوله : كما أفاده ) أي تعبيره ا هـ حج

                                                                                                                            ( قوله : النافي ) أي للحوالة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : والوكيل إذا أخذ لنفسه يضمن ) وكأنه إنما لم يضمن على الأول مؤاخذة خصمه بإقراره فتأمل . ( قوله : ومحل ذلك ) يعني مسألتي المتن حيث يصدق المستحق عليه في الأولى منهما قطعا وفي الثانية على خلاف ، ومراده أن محل التفصيل من حيث الخلاف فيما إذا اتفقا على أصل الدين ، أما لو أنكر مدعي الوكالة أصل الدين فهو المصدق في المسألتين قطعا ، وحينئذ فكان الأصوب أن يؤخر الشارح هذا عن قول المصنف وفي الصورة الثانية وجه ويقول عقب قوله في المسألتين قطعا ، وعبارة الأذرعي : وقول المصنف المستحق والمستحق عليه ، يشير إلى فرض المسألة فيما إذا اتفقا على الدين كما فرضها الأئمة أما لو أنكر مدعي الوكالة الدين في الحالة الأولى فيصدق بيمينه قطعا وكذا في الثانية عند الجمهور إلى آخر ما ذكره .




                                                                                                                            الخدمات العلمية