باب الضمان الشامل للكفالة هو لغة : الالتزام ، وشرعا : يطلق على التزام الدين والبدن والعين الآتي كل منها وعلى العقد المحصل لذلك ، ويسمى ملتزم ذلك أيضا ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وكفيلا وصبيرا .
قال الماوردي : غير أن العرف خصص الأولين بالمال والحميل بالدية والزعيم بالمال العظيم والكفيل بالنفس والصبير يعم الكل ، ومثله القبيل .
وأصله قبل الإجماع الخبر الصحيح { الزعيم غارم } { وأنه صلى الله عليه وسلم تحمل عن رجل عشرة دنانير } ، وخبر الصحيحين { أنه صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ، فقال : هل ترك شيئا ؟ قالوا لا ، قال : هل عليه دين ؟ قالوا : ثلاثة دنانير ، قال : صلوا على صاحبكم ; قال أبو قتادة : صل عليه يا رسول الله وعلي دينه ، فصلى عليه } لا يقال : لا دلالة فيه إلا على براءة الميت بالالتزام عنه لا على الضمان وإلا لكان المانع من الصلاة باقيا وهو اشتغال ذمته .
لأنا نمنع هذه الدعوى ; إذ الضمان عنه لا يزيد على ما لو خلف تركة ، وذلك لا يوجب براءة ذمته قبل القضاء [ ص: 433 ] على أن الماوردي وغيره صرحوا بأن نفس المؤمن إنما تكون مرتهنة بدينه إذا لم يخلف وفاء وامتناعه من الصلاة عليه ; لأنها شفاعة وشفاعته مقبولة ، ونفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه .
قال جابر : وكان ذلك في ابتداء الإسلام وفي المال قلة .
فلما فتح الله الفتوح قال صلى الله عليه وسلم { أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، من خلف مالا فلورثته ، ومن خلف دينا أو كلا فكله إلي ودينه علي ، فقيل : يا رسول الله وعلى كل إمام بعدك ؟ قال : وعلى كل إمام بعدي } رواه الطبراني ومقتضاه وجوب قضاء دين الميت المعسر على كل إمام لكن الصحيح عند أئمتنا أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم كعداته بدليل قضائها بعد وفاته فيحمل الخبر بتقدير صحته على تأكد ندب ذلك في حق غيره ، ويؤخذ من خبر التحمل مع قولهم : إنه معروف الآتي أنه سنة وهو كذلك في حق قادر عليه أمن من غائلته .


