الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن ) ( أدى دين غيره ) وليس أبا ولا جدا ( بلا ضمان ولا إذن ) ( فلا رجوع ) له لتبرعه بخلاف ما لو أوجر مضطرا ; لأنه يلزمه إطعامه مع ترغيب الناس في ذلك أما الأب والجد إذا أدى دين محجوره أو ضمنه بنية الرجوع فإنه يرجع كما قاله القفال وغيره ( وإن ) ( أذن ) له في الأداء ( بشرط الرجوع ) ( رجع ) عليه وفاء بالشرط ( وكذا إن أذن ) له إذنا ( مطلقا ) عن شرط الرجوع فأدى لا بقصد التبرع فيما يظهر ( في الأصح ) كما لو قال : اعلف دابتي ، وإن لم يشترط الرجوع ، ويفارق ما لو قال : أطعمني رغيفا بجريان المسامحة في مثله ، ومن ثم لا أجرة في نحو اغسل ثوبي ; لأن المسامحة في المنافع أكثر منها في الأعيان .

                                                                                                                            وقول القاضي : لو قال لشريكه أو أجنبي : عمر داري أو أد دين فلان على أن ترجع علي لم يرجع عليه ; إذ لا يلزمه عمارة داره ، ولا أداء دين غيره ، بخلاف اقض ديني وأنفق على زوجتي أو عبدي ا هـ ضعيف بالنسبة لشقه الأول لما مر في أوائل القرض أنه متى شرط الرجوع هنا وفي نظائره رجع وفارق نحو أد ديني واعلف دابتي بوجوبهما عليه فيكفي الإذن فيهما ، وإن لم يشرط الرجوع ، وألحق بذلك فداء الأسير ; لأنهم اعتنوا في وجوب السعي في تحصيله ما لم يعتنوا به في غيره .

                                                                                                                            قال القاضي أيضا : ولو قال أنفق على امرأتي ما تحتاجه كل يوم على أني ضامن له صح ضمان نفقة اليوم الأول دون ما بعده ا هـ .

                                                                                                                            والأوجه أنه يلزمه ما بعد الأول أيضا ; لأن المتبادر من ذلك كما هو ظاهر ليس حقيقة الضمان المار بل ما يراد بقوله : على أن ترجع علي بل تقدم في كلام القاضي نفسه أن أنفق على زوجتي لا يحتاج لشرط الرجوع ، فإن أراد حقيقة الضمان فالأوجه تصديقه بيمينه ولا يلزمه سوى اليوم الأول ، ويمكن [ ص: 464 ] حمل كلام القاضي عليه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بلا ضمان ولا إذن ) ليس هذا مكررا مع ما سبق في قوله : وإن انتفى فيهما فلا ; لأن ما تقدم فيما لو وجد ضمان وأدى بلا إذن في الضمان والأداء وما هنا لم يوجد فيه ضمان ومع ذلك أدى بلا إذن في الأداء ( قوله ما لو أوجر ) ويؤخذ منه أنه وصل إلى حالة لا يمكن العقد معه فيها ( قوله : إذا أدى ) أي أحدهما

                                                                                                                            ( قوله : أو ضمنه بنية الرجوع ) ويصدق في ذلك بيمينه ; لأن النية لا تعلم إلا منه ( قوله : كما لو قال اعلف دابتي ) فإنه يرجع بذلك

                                                                                                                            ( قوله : أطعمني رغيفا ) أي فإنه لا يرجع ، وإن دلت القرينة على أنه إنما يدفع بمقابل كأن قال ذلك لمن حرفته بيع الخبز

                                                                                                                            ( قوله : في نحو اغسل ثوبي ) أي وإن كان عادته الغسل بالأجرة

                                                                                                                            ( قوله : ضعيف بالنسبة إلخ ) أي فيكون المعتمد فيه الرجوع حيث شرطه .

                                                                                                                            وصورة ذلك أن الآلة لمالك الدار ، بخلاف ما لو قال : عمر داري بآلتك فلا رجوع لتعذر البيع كما مر ، والآلة باقية على ملك صاحبها كما قدمناه عن حج قبيل الحوالة ( قوله لشقه الأول ) هو قوله : عمر داري أو أد دين فلان على أن ترجع علي إلخ والثاني هو قوله بخلاف اقض إلخ ( قوله : وفارق ) أي قوله : عمر داري إلخ ( قوله : وألحق بذلك ) أي ب أد ديني إلخ

                                                                                                                            ( قوله : ولا يلزمه سوى اليوم الأول ) يتأمل وجه ذلك فإن ما تأخذه الزوجة تملكه فلم يبق ثم أصيل وضامن حتى [ ص: 464 ] يوجد فيه حقيقة الضمان بل الدافع كالمقرض والآذن كالمقترض ، إلا أن يصور كلام القاضي بما لو صدر ذلك بعد طلوع الفجر فيتم ما ذكره ; لأن نفقة اليوم الأول تجب بطلوع فجره فتوجد فيها حقيقة الضمان ، وقد تقدم صحة ضمان نفقة اليوم ، وما قبله ، بخلاف نفقة الغد ، ومع ذلك فيه شيء فإنها ، وإن وجبت على الزوج فالمنفق لم يضمن ، وإنما أنفق ليرجع بمقتضى قوله على أنى ضامن له




                                                                                                                            الخدمات العلمية