كتاب الإقرار هو لغة : الإثبات ، من قر الشيء يقر قرارا ثبت . وشرعا : إخبار عن حق سابق على المخبر ، فإن كان له على غيره فدعوى ، أو لغيره على غيره فشهادة هذا إن كان خاصا ، فإن اقتضى شرعا عاما وكان عن أمر محسوس
[ ص: 65 ] فرواية ، أو عن أمر شرعي فإن كان فيه إلزام فحكم وإلا ففتوى .
وأصله قبل الإجماع قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135شهداء لله ولو على أنفسكم } قال المفسرون :
nindex.php?page=treesubj&link=15579_15578شهادة المرء على نفسه هي الإقرار ، وخبر الشيخين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13610اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها }
nindex.php?page=treesubj&link=15640_15628_15604_15583_15582وأركانه أربعة : مقر ومقر له وبه وصيغة ، وبدأ بالأول فقال : ( يصح )
nindex.php?page=treesubj&link=15597_15595_15587_15585الإقرار ( من مطلق التصرف ) أي المكلف الرشيد ولو إماما بالنسبة لبيت المال ووليا بالنسبة لما يمكنه إنشاؤه في مال موليه ، وسيعلم
[ ص: 66 ] من آخر الباب اشتراط عدم تكذيب الحس والشرع له .
ومن الطلاق الاختيار على أن هذا قد يؤخذ من كلامه هنا بادعاء أن المكره غير مطلق التصرف على الإطلاق ، بل سيأتي بعد بقليل اشتراط أن لا يكون مكرها ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=15594_15587_15595_15597أقر بشيء وأنه مختار فيه لم تقبل بينته بأنه كان مكرها إلا أن يثبت أنه كان مكرها حتى على إقراره بأنه مختار كما يأتي ومر أن طلب البيع إقرار بالملك والعارية والإجارة إقرار بملك المنفعة لكن تعيينها في الأخير إلى المقر كما هو واضح ( وإقرار الصبي ) ولو مراهقا وأذن له وليه ( والمجنون ) والمغمى عليه وكل من زال عقله بما يعذر به ( لاغ ) لسقوط أقوالهم ( فإن ادعى ) الصبي ( البلوغ بالاحتلام ) أي نزول المني يقظة أو نوما أو الصبية البلوغ بالحيض ( مع الإمكان ) له بأن كان في سن يحتمل البلوغ ، وقد مر بيان زمن الإمكان في بابي الحيض والحجر ( صدق ) في ذلك إذ لا يعرف إلا من جهته ولا يعارضه إمكان البينة على إمكان الحيض لأنه مع ذلك عسر ( ولا يحلف ) عليه وإن فرضت خصومة لأنه إن صدق لم يحتج إلى يمين وإلا فالصبي لا يحلف ، وإنما توقف عليها عند اتهامه إعطاء غاز ادعى الاحتلام وطلب سهم المقاتلة أو إثبات اسمه ، وكذا ولد مرتزق ادعاه وطلب إثبات اسمه في الديوان واتهم
[ ص: 67 ] على يمينه احتياطا لأنه هنا يريد مزاحمة غيره فناسب تحليفه ، وإذا لم يحلف فبلغ مبلغا يقطع ببلوغه لم يحلف لانتهاء الخصومة لقبوله قوله أو لا فلا ننقضه ، قاله
الإمام وأقره
الرافعي في الشرح الكبير وجزم به في الصغير من غير عزو ( وإن ادعاه بالسن طولب ببينة ) عليه ولو غريبا غير معروف لسهولة إقامتها في الجملة ، ولا بد في بينة السن من بيان قدره للاختلاف فيه .
نعم لا يبعد الاكتفاء بالإطلاق من فقيه موافق للحاكم في مذهبه كما في نظائره لأن هذا ظاهر لا اشتباه فيه . أما لو شهدت بالبلوغ ولم نتعرض لسن فتقبل وهي رجلان . نعم لو شهد أربع نسوة بولادته يوم كذا قبلن وثبت بهن السن تبعا فيما يظهر وخرج بالسن والاحتلام ما لو ادعاه وأطلق فيستفسر على ما رجحه
الأذرعي ، ويمكن حمله على الندب إذ الأوجه القبول مطلقا ، وقول بعضهم تفريعا على الأول فإن تعذر استفساره عمل بأصل الصبا مردود ، فقد قال في الأنوار : ولو شهدا ببلوغه ولم يعينا نوعا قبلا : أي إن كان فقيهين موافقين لمذهب الحاكم في البلوغ كما مر نظيره وما فرق به بين هذه وما قبلها بأن عدالتهما مع خبرتهما إذ لا بد منها قاضية بتحققهما أحد نوعيه قبل الشهادة ليس بشيء ( والسفيه والمفلس سبق حكم إقرارهما ) في بابيهما .
[ ص: 68 ] أما
nindex.php?page=treesubj&link=15593_15601إقرار المفلس بالنكاح فمقبول بخلاف السفيه فلا يقبل ، ويقبل إقرار السفيهة به لمن صدقها كالرشيدة إذ لا أثر للسفه من جانبها لتحصيلها المال به بخلاف الذكر .
كِتَابُ الْإِقْرَارِ هُوَ لُغَةً : الْإِثْبَاتُ ، مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ يَقِرُّ قَرَارًا ثَبَتَ . وَشَرْعًا : إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ عَلَى الْمُخْبِرِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَعْوَى ، أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَشَهَادَةٌ هَذَا إنْ كَانَ خَاصًّا ، فَإِنْ اقْتَضَى شَرْعًا عَامًّا وَكَانَ عَنْ أَمْرٍ مَحْسُوسٍ
[ ص: 65 ] فَرِوَايَةٌ ، أَوْ عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَحُكْمٌ وَإِلَّا فَفَتْوَى .
وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=135شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ } قَالَ الْمُفَسِّرُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=15579_15578شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ هِيَ الْإِقْرَارُ ، وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13610اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا }
nindex.php?page=treesubj&link=15640_15628_15604_15583_15582وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ : مُقِرٌّ وَمَقَرٌّ لَهُ وَبِهِ وَصِيغَةٌ ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ : ( يَصِحُّ )
nindex.php?page=treesubj&link=15597_15595_15587_15585الْإِقْرَارُ ( مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ ) أَيْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ وَلَوْ إمَامًا بِالنِّسْبَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَوَلِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ ، وَسَيُعْلَمُ
[ ص: 66 ] مِنْ آخَرِ الْبَابِ اشْتِرَاطُ عَدَمِ تَكْذِيبِ الْحِسِّ وَالشَّرْعِ لَهُ .
وَمِنْ الطَّلَاقِ الِاخْتِيَارُ عَلَى أَنَّ هَذَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا بِادِّعَاءِ أَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، بَلْ سَيَأْتِي بَعْدُ بِقَلِيلٍ اشْتِرَاطُ أَنْ لَا يَكُونَ مُكْرَهًا ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=15594_15587_15595_15597أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِيهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ بِأَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا حَتَّى عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مُخْتَارٌ كَمَا يَأْتِي وَمَرَّ أَنَّ طَلَبَ الْبَيْعِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَكِنَّ تَعْيِينَهَا فِي الْأَخِيرِ إلَى الْمُقِرِّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ ( وَإِقْرَارُ الصَّبِيِّ ) وَلَوْ مُرَاهِقًا وَأَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ ( وَالْمَجْنُونُ ) وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا يُعْذَرُ بِهِ ( لَاغٍ ) لِسُقُوطِ أَقْوَالِهِمْ ( فَإِنْ ادَّعَى ) الصَّبِيُّ ( الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ ) أَيْ نُزُولِ الْمَنِيِّ يَقَظَةً أَوْ نَوْمًا أَوْ الصَّبِيَّةُ الْبُلُوغَ بِالْحَيْضِ ( مَعَ الْإِمْكَانِ ) لَهُ بِأَنْ كَانَ فِي سِنٍّ يَحْتَمِلُ الْبُلُوغَ ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ زَمَنِ الْإِمْكَانِ فِي بَابَيْ الْحَيْضِ وَالْحَجْرِ ( صُدِّقَ ) فِي ذَلِكَ إذْ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَا يُعَارِضُهُ إمْكَانُ الْبَيِّنَةِ عَلَى إمْكَانِ الْحَيْضِ لِأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ عُسْرٌ ( وَلَا يَحْلِفُ ) عَلَيْهِ وَإِنْ فَرَضَتْ خُصُومَةٌ لِأَنَّهُ إنْ صُدِّقَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى يَمِينٍ وَإِلَّا فَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا عِنْدَ اتِّهَامِهِ إعْطَاءُ غَازٍ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ أَوْ إثْبَاتَ اسْمِهِ ، وَكَذَا وَلَدٌ مُرْتَزَقٌ ادَّعَاهُ وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ وَاتَّهَمَ
[ ص: 67 ] عَلَى يَمِينِهِ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ هُنَا يُرِيدُ مُزَاحَمَةَ غَيْرِهِ فَنَاسَبَ تَحْلِيفَهُ ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَبَلَغَ مَبْلَغًا يَقْطَعُ بِبُلُوغِهِ لَمْ يَحْلِفْ لِانْتِهَاءِ الْخُصُومَةِ لِقَبُولِهِ قَوْلَهُ أَوْ لَا فَلَا نَنْقُضُهُ ، قَالَهُ
الْإِمَامُ وَأَقَرَّهُ
الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ ( وَإِنَّ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ ) عَلَيْهِ وَلَوْ غَرِيبًا غَيْرَ مَعْرُوفٍ لِسُهُولَةِ إقَامَتِهَا فِي الْجُمْلَةِ ، وَلَا بُدَّ فِي بَيِّنَةِ السِّنِّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ .
نَعَمْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْحَاكِمِ فِي مَذْهَبِهِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَا اشْتِبَاهَ فِيهِ . أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ نَتَعَرَّضْ لِسَنٍّ فَتُقْبَلُ وَهِيَ رَجُلَانِ . نَعَمْ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِوِلَادَتِهِ يَوْمَ كَذَا قُبِلْنَ وَثَبَتَ بِهِنَّ السِّنُّ تَبَعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَخَرَجَ بِالسِّنِّ وَالِاحْتِلَامِ مَا لَوْ ادَّعَاهُ وَأَطْلَقَ فَيُسْتَفْسَرُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ
الْأَذْرَعِيُّ ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ إذْ الْأَوْجَهُ الْقَبُولُ مُطْلَقًا ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِفْسَارُهُ عُمِلَ بِأَصْلِ الصِّبَا مَرْدُودٌ ، فَقَدْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ : وَلَوْ شَهِدَا بِبُلُوغِهِ وَلَمْ يُعَيِّنَا نَوْعًا قُبِلَا : أَيْ إنْ كَانَ فَقِيهَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ فِي الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا بِأَنَّ عَدَالَتَهُمَا مَعَ خِبْرَتِهِمَا إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا قَاضِيَةٌ بِتَحَقُّقِهِمَا أَحَدَ نَوْعَيْهِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ ( وَالسَّفِيهُ وَالْمُفْلِسُ سَبَقَ حُكْمُ إقْرَارِهِمَا ) فِي بَابَيْهِمَا .
[ ص: 68 ] أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=15593_15601إقْرَارُ الْمُفْلِسِ بِالنِّكَاحِ فَمَقْبُولٌ بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَلَا يُقْبَلُ ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ السَّفِيهَةِ بِهِ لِمَنْ صَدَّقَهَا كَالرَّشِيدَةِ إذْ لَا أَثَرَ لِلسَّفَهِ مِنْ جَانِبِهَا لِتَحْصِيلِهَا الْمَالَ بِهِ بِخِلَافِ الذَّكَرِ .