الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وصيغتها ) أي المساقاة صريحة وكناية ، فمن صرائحها ( ساقيتك على هذا النخل ) أو العنب ( بكذا ) من الثمرة لأنه الموضوع لها ( أو سلمته إليك لتتعهده ) أو اعمل عليه أو تعهده بكذا لأداء كل من هذه الثلاثة معنى الأولى ، ومن ثم اعتمد ابن الرفعة صراحتها وهو ظاهر كلامهم ، وإن اعتمد الأذرعي والسبكي أنها كناية ، وأفهم تعبيره بكذا اعتبار ذكر العوض ، فلو سكت عنه لم يصح ، وفي استحقاقه الأجرة وجهان أوجههما نعم ، ولو ساقاه بلفظ الإجارة لم تصح على الأصح في الروضة وكذا عكسه ، وقول الإسنوي إنه مشكل مخالف للقواعد . فإن الصريح في بابه إنما يمتنع أن يكون كناية في غيره إذا وجد نفاذا في موضوعه كقوله لزوجته أنت علي كظهر أمي ناويا الطلاق فلا تطلق ويقع الظهار ، بخلاف قوله لأمته أنت طالق فهو كناية في العتق لأنه لم يجد نفاذا في موضوعه ومسألتنا من ذلك ا هـ مردود والصواب ما صححوه . والفرق بين هذا وبين قوله لأمته أنت علي كظهر أمي هو أن الظهار لما لم يكن تصوره [ ص: 256 ] في حق الأمة بوجه من الوجوه حمل على الكناية بإرادة المكلف تصحيحا للفظ عن الإلغاء ، وأما لفظ الإجارة فليس كذلك لأنه يمكن تصحيحه وإيقاعه إجارة بأن يذكر عوضا معلوما ، فعدول المكلف عن العوض الصحيح إلى الفاسد دليل الإلغاء ، ولا ضرورة بنا إلى حمله على خلاف الظاهر ، واللفظ صريح في الفساد فلا يمكن إعماله في غيره مع إمكان تصحيحه إجارة . والحاصل أنه يعتبر في كون الصريح في باب كناية في غيره شرطان : أحدهما أن لا يجد نفاذا في موضوعه ، والثاني أن يقبله العقد المنوي فيه ( ويشترط ) ( القبول ) باللفظ متصلا كما في البيع ، ولهذا اعتبر في الصيغة هنا ما مر فيها ثم إلا عدم التأقيت ، وتصح بإشارة أخرس وبكتابة بالنية ( دون تفصيل الأعمال ) فلا يعتبر التعرض له في العقد ولو عقدها بغير لفظ المساقاة كما صرح به ابن يونس وهو ظاهر وإن أفهم كلام الروضة أنه لا يجري إلا في لفظها ( ويحمل المطلق في كل ناحية على العرف الغالب ) فيها إذ المرجع فيما لا ضابط له شرعا ولا لغة إليه ، هذا إن كان عرف غالب وعرفاه وإلا وجب التفصيل جزما .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : الموضوع لها ) أي للمساقاة ( قوله ساقيتك ) وهذه من صور المساقاة على العين ع ا هـ سم على منهج : أي فتنفسخ الإجارة بموته . والظاهر أن مثلها الثلاثة التي ذكرها المصنف والشارح بقولهما أو أسلمت إليك إلخ ( قوله : وهو ظاهر كلامهم ) هو المعتمد ( قوله أوجههما نعم ) أي وإن علم بالفساد على قياس ما مر له غير مرة هنا وفي القراض ( قوله : لم يصح ) أي لا صريحا ولا كناية كما يفهم من بقية عبارته ( قوله : والصواب ما صححوه ) [ ص: 256 ] أي من عدم صحة المساقاة بلفظ الإجارة وعكسه ( قوله : والثاني أن يقبله ) أي بأن يمكن استعماله فيه بالنية أي ولو من ناطق ا هـ حج ( قوله : ولو عقدها ) أشار به للرد على من قال إذا عقد بغير لفظ المساقاة اشترط تفصيل الأعمال ، بخلاف ما لو عقد بها فلا يشترط أخذا مما أشار إليه بقوله وإن أفهم كلام إلخ ( قوله : إليه ) أي العرف .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أوجههما نعم ) انظر هل هو كذلك في كل الصيغ أو في الصيغة التي ذكر فيها المصنف لفظ كذا ، فإن كان الأول فما وجهه في غير الأولى ( قوله : والفرق بين هذا وبين قوله لأمته أنت علي كظهر أمي إلى آخره ) كان الأولى أنت طالق ; لأنه الذي مر في كلام الإسنوي ( قوله : إن الظهار لما لم يكن تصوره إلخ ) فيه تسليم أن [ ص: 256 ] عكس القاعدة المذكورة قاعدة أخرى وهي أن ما لم يجد نفاذا في موضوعه يكون كناية في غيره ، وظاهر أنه غير مراد للأصحاب وأنهم إنما يستعملون هذه القاعدة من جهة طردها لا من جهة عكسها ، ألا ترى أنه لم يقل أحد منهم إن البيع مثلا ينعقد بلفظ النكاح أو الطلاق مثلا فلو كان عكس القاعدة مرادا لصح البيع بذلك ; لأنه صريح في بابه ولم يجد نفاذا في موضوعه ، وحينئذ فإشكال الإسنوي مندفع من أصله فتأمل . ( قوله : تصحيحا للفظ عن الإلغاء ) الأولى صيانة للفظ عن الإلغاء ( قوله : لأنه لا يمكن تصحيحه وإيقاعه إجارة إلا بأن يذكر عوضا معلوما ) كذا في نسخ من الشارح ، والأنسب ما في بعض النسخ مما نصه ; لأنه يمكن تصحيحه وإيقاعه إجارة بأن يذكر عوضا ( قوله : والثاني أنه يقبله ) أي : بخلاف ما إذا لم يقبله لعارض كعدول المتكلم المتقدم في الصورتين المارتين كما يعلم من سياقه




                                                                                                                            الخدمات العلمية