الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( حضر أحد شفيعين ) وغاب الآخر ( فله ) أي الحاضر ( أخذ الجميع في الحال ) لا الاقتصار على حصته لئلا تتبعض الصفقة على المشتري لو لم يأخذ الغائب ، إذ يحتمل أنه أزال ملكه بوقف أو غيره أو لا رغبة له في الأخذ ، فلو رضي المشتري بأن يأخذ الحاضر حصته فقط فالمتجه كما اعتمده السبكي كابن الرفعة أنه كما لو أراد الشفيع الواحد أن يأخذ بعض حقه والأصح منعه ، وإذا أخذ الحاضر الكل استمر الملك له ما لم يحضر الغائب ويأخذ ( فإذا حضر الغائب شاركه ) لثبوت حقه ، وما استوفاه الحاضر من الفوائد قبل تملك الغائب من نحو ثمرة وأجرة لا يشاركه فيه كما أن الشفيع لا يشارك المشتري فيه ( والأصح أن له تأخير الأخذ إلى قدوم الغائب ) وإن كان الأخذ بها على الفور لظهور عذره ; لأن له غرضا في ترك أخذ ما يؤخذ منه ولا يلزمه الإعلام بالطلب كما مر والثاني لا لتمكنه من الأخذ ، ولو استحقها ثلاثة كدار بين أربعة بالسوية باع أحدهم حصته واستحقها الباقون فحضر أحدهم أخذ الكل أو ترك أو أخر لحضورهما كما مر ، فإن أخذ الكل وحضر الثاني ناصفه بنصف الثمن كما لو لم يكن إلا شفيعان ، وإذا حضر الثالث أخذ من كل ثلث ما بيده لأنه قدر حصته ، ولو أراد أخذ ثلث ما في يد أحدهما فقط جاز كما يجوز للشفيع أخذ نصيب أحد المشتريين .

                                                                                                                            واعلم أن للثاني أخذ الثلث من الأول لأنه لا يفوت الحق عليه إذ الحق ثبت لهم أثلاثا ، وإن حضر الثالث وأخذ نصف ما بيد الأول أو ثلث ما بيد كل من الأول والثاني وكان الثاني في الثانية قد أخذ من الأول النصف استووا في المأخوذ ، أو أخذ الثالث ثلث الثلث الذي في يد الثاني فله ضمه لما في يد الأول واقتسماه بالسوية بينهما فتصح قسمة الشقص من ثمانية عشر ، فإنه يأخذ ثلث الثلث وهو واحد من تسعة يضمه إلى ستة منها فلا تصح على اثنين فتضرب اثنين في تسعة فللثاني منهما اثنان في المضروب فيها بأربعة تبقى أربعة عشر بين الأول والثالث لكل منهما سبعة ، وإذا كان ربع الدار ثمانية عشر [ ص: 215 ] فجملتها اثنان وسبعون ، وإنما كان للثالث أخذ ثلث الثلث من الثاني لأنه يقول ما من جزء إلا ولي منه ثلثه ، ولو استحق الشفعة حاضر وغائب فعفا الحاضر ثم مات الغائب فورثه الحاضر أخذ الكل بها ، وإن عفا أولا لأنه الآن يأخذ بحق الإرث ( ولا اشتريا شقصا فللشفيع أخذ نصيبهما ) وهو ظاهر ( ونصيب أحدهما ) لأنه لم يفرق عليه ملكه ( ولو اشترى واحد من اثنين ) أو وكيلهما المتحد لما مر أن العبرة هنا في التعدد ، وعدمه بالمعقود له لا العاقد ( فله أخذ حصة أحد البائعين في الأصح ) لتعدد الصفقة بتعدد البائعين ولوجود التفريق هنا جرى الخلاف دون ما قبله ، وبهذا فارق ما مر في البيع من عكس ذلك هو تعددهما بتعدد البائع قطعا والمشتري على الأصح ويتعدد هنا بتعدد المحل أيضا ، فلو باع شقصين من دارين صفقة وشفيعهما واحد فله أخذ أحدهما فقط ، والثاني لا لأن المشتري ملك الجميع فلا يفرق ملكه عليه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : لا الاقتصار على حصته ) فإن قال : لا آخذ إلا قدر حصتي بطل حقه مطلقا لتقصيره ا هـ حج .

                                                                                                                            وينبغي تقييده بما إذا كان عالما بذلك ، فإن كان جاهلا لم يبطل حقه بذلك سيما إن كان ممن يخفى عليه ذلك كما لو أسقط حقه من رد المبيع بعيب بعوض ( قوله : استمر الملك ) أي فيفوز بالزوائد كما يأتي ( قوله : ولا يلزمه الإعلام بالطلب كما مر ) أي في شرح قول المصنف أو اشترى بمؤجل فالأظهر أنه مخير بين أن يعجل الثمن إلخ ، وقضية كلامه أنه لو لم يقصد الأخذ بأن استمر على السكوت سقط حقه ، ولعله غير مراد لأنه ثبت له ذلك بتخييره ، والأصل عدم الصارف ( قوله : ناصفه بنصف الثمن ) أي إن شاء أو أخذ الثلث بثلث الثمن كما يأتي في قوله واعلم أن للثاني إلخ ( قوله : وأخذ نصف ما بيد الأول ) وهو الأربعة بعد أخذ الثاني ثلث ما بيد الأول وهو اثنان من ستة قراريط التي هي المبيعة ( قوله : قد أخذ من الأول النصف ) أي وهو ثلاثة من ستة ( قوله : أو أخذ الثالث ثلث الثلث ) وقدره ستة من ثمانية عشر على ما يأتي ( قوله : الذي في يد الثاني ) وهو قيراطان وثلثهما ثلثا قيراط ( قوله : فإنه ) أي الثالث ( قوله : وهو واحد من تسعة ) أي لأن أقل عدد له ثلث وثلث ثلث تسعة ( قوله : بضمه إلى ستة ) أي وهي الباقية [ ص: 215 ] من التسعة في يد الأول ( قوله : فجملتهما اثنان وسبعون ) أي حاصلة من ضرب أربعة في ثمانية عشر ( قوله : فورثه الحاضر ) أي وكان جائزا ( قوله : لأنه الآن يأخذ بحق الإرث ) أي للشفعة التي ثبتت للغائب ( قوله : أو وكيلهما المتحد لما مر ) .

                                                                                                                            [ قاعدة ] العبرة في اتحاد العقد وتعدده بالوكيل إلا في الشفعة والرهن فالعبرة فيهما بالموكل




                                                                                                                            الخدمات العلمية