الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) لا استئجار ( أرض للزراعة لا ماء لها دائم ) أي مستمر ( ولا يكفيها المطر المعتاد ) ولا ما في معناه كثلج أو نداوة ، ولا تسقى بماء غالب الحصول لعدم القدرة على التسليم ، ومجرد الإمكان غير كاف كإمكان عود الآبق ونحوه ، ولو قال المؤجر أحفر لك بئرا : أي ولو قبل العقد فيما يظهر وأسقي أرضك منها ، أو أسوق الماء إليها من موضع آخر صحت الإجارة كما قاله الروياني : أي إن كان قبل مضي مدة من وقت الانتفاع بها لمثلها أجرة ، إذ لا ضرر عليه حينئذ لأنه يتخير عند عدم وفائه له بذلك في فسخ العقد ، وخرج بالزراعة ما لو عم كاستئجارها لما شاء أو لغير الزراعة فيصح ( ويجوز ) إيجارها ( إن كان لها ماء دائم ) من نحو نهر أو عين لسهولة الزراعة حينئذ ، ويدخل شربها إن اعتيد دخوله أو شرط وإلا فلا لعدم شمول اللفظ له ، ومع دخوله لا يملك المستأجر الماء بل يسقي به على ملك المؤجر كما رجحه السبكي ، وبحث ابن الرفعة أن استئجار الحمام كاستئجار الأرض للزراعة ( وكذا ) يجوز إيجارها ( إن كفاها المطر المعتاد أو ماء الثلوج المجتمعة ) في نحو جبل [ ص: 272 ] ( والغالب حصولها في الأصح ) لأن الغالب حصول الغالب ، والثاني لا يجوز لعدم الوثوق بحصول ما ذكر ، ويجوز استئجار أراضي مصر للزراعة بعد ريها بالزيادة وإن لم ينحسر عنها الماء حيث رجي انحساره في وقته عادة وقبله إن كان ريها من الزيادة الغالبة ، ويعتبر في كل زمن بما يناسبه ، والتمثيل بخمسة عشر أو سبعة عشر باعتبار ذلك الزمن ، ولو أجرها مقيلا ومراحا وللزراعة لم تصح ما لم يبين عين ما لكل ، ويتجه تقييده بما إذا قصد توزيع أجرة منفعة الأرض على المنافع أخذا مما بعدها ، ومن ثم قال القفال : لو أجره ليزرع النصف ويغرس النصف لم يصح إلا أن يبين عين ما لكل منهما .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو قبل ) أي القول ( قوله : إذ لا ضرر عليه ) أي المستأجر ( قوله : فيصح ) أو يفعل ما جرت العادة به في تملك الأرض ( قوله لا يملك المستأجر الماء ) أي فلو فضل منه شيء عن السقي كان للمؤجر لبقائه على ملكه ( قوله : كاستئجار الأرض للزراعة ) أي فإن كان له ماء معتادا ويغلب حصوله صح وإلا فلا [ ص: 272 ] قوله : ويجوز استئجار أراضي مصر ) وسيأتي أن هذه مستثناة من اشتراط اتصال المنفعة بالعقد ( قوله : للزراعة ) لو تأخر إدراك الزرع عن مدة الإجارة فلا تقصير لم يجب القلع قبل أوانه ولا أجرة عليه م ر . وقوله ولا أجرة عليه يخالفه قول الروض وإن تأخر الإدراك لعذر حر أو برد أو مطر أو أكل جراد لبعضه : أي كرءوسه فنبت ثانيا كما قاله في شرحه بقي بالأجرة إلى الحصاد ا هـ سم على منهج . أقول : ويمكن حمل قول م ر ولا أجرة عليه على ما لو كانت الأرض تزرع مرة واحدة واستأجرها لزراعة الحب على ما جرت به العادة في زرع البر ونحوه فتأخر الإدراك عن وقته المعتاد فلا يكلف الأجرة لجريان العادة في مثله بتبقية الزرع إلى وقت إدراكه وإن تأخر ، وحمل قول الروض بقي بالأجرة على ما لو قدر مدة معلومة أدرك الزرع قبل فراغها فيلزم بأجرة ما زاد على المدة المقدرة إذا جرت العادة بانتفاع بها بعد انقضاء المدة بزرع آخر .

                                                                                                                            ( قوله : وإن لم ينحسر ) أي الماء ( قوله : في وقته عادة ) أي فإن تأخر عن الوقت المعتاد ثبت له الخيار ( قوله : وقبله ) أي الري ، وقوله والتمثيل بخمسة عشر : أي ذراعا ( قوله : ويتجه تقييده ) أي عدم الصحة ( قوله : بما إذا قصد ) مفهومه أنه إذا أطلق لم يصح وينبغي أن حالة الإطلاق محمولة على توزيع الأجرة عن المنافع الثلاث ، ويخرج بذلك ما لو قصد تعميم الانتفاع وأن المعنى آجرتك هذه الأرض لتنتفع بها ما شئت ، وإنما ذكر المنافع الثلاث لمجرد بيان ما شملته المنافع ( قوله : ليزرع النصف ويغرس إلخ ) بقي ما لو أجره ليزرع النصف برا والنصف شعيرا هل يجب أن يبين عين كل منهما على قياس ما ذكر في الزرع والغراس بجامع اختلاف الضرر ولأنه يمتنع إبدال الشعير بالحنطة ، أو يفرق باتحاد الجنس هنا وهو الزرع بخلاف الزرع والغراس فإنهما جنسان ؟ فيه نظر ، وصمم م ر على الفرق فليحرر ا هـ سم على حج . أقول : والأقرب عدم الفرق .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : أي مستمر ) دفع به إيهام أن [ ص: 272 ] المراد بالدائم الراكد كما عبروا به في الطهارة ( قوله : ويتجه تقييده ) انظر ما المراد به وما في حاشية الشيخ لم يظهر لي ( قوله : ومن ثم إلخ ) هذا من تعلق ما قبل التقييد المذكور ، فكان الأولى ذكره عقبه كما هو كذلك في التحفة




                                                                                                                            الخدمات العلمية