( ولو بعث هدية ) لم يعده بالباء لجواز الأمرين كما قاله أبو علي خلافا لتصويب الحريري تعين تعديته بها ( في ظرف ) أو وهب شيئا في ظرف من غير بعث ( فإن لم تجر العادة برده كقوصرة ) بتشديد الراء في الأفصح ( تمر ) أي وعائه الذي يكنز فيه من ، نحو خوص ولا يسمى بذلك إلا وهو فيه وإلا فزنبيل وكعلبة حلوى ( فهو هدية ) أو هبة ( أيضا ) تحكيما للعرف المضطرد ، وكتاب الرسالة يملكه المكتوب إليه إن لم تدل قرينة على عوده .
قاله المتولي ، وهو أوجه من قول غيره هو باق على ملك الكاتب ويملك المكتوب له الانتفاع به على وجه الإباحة ( وإلا ) بأن اعتيد رده أو اضطربت العادة كما اقتضاه كلام ابن المقري ( فلا ) يكون هدية بل أمانة في يده كالوديعة ( ويحرم استعماله ) لأنه انتفاع بملك غيره بغير إذنه ( إلا في أكل الهدية منه إن اقتضته العادة ) عملا بها ويكون عارية حينئذ ، ويسن رد الوعاء حالا لخبر فيه ، قال الأذرعي : وهذا في مأكول ، أما غيره فيختلف رد طرفه باختلاف عادة النواحي فيتجه في كل ناحية بعرفهم وفي كل قوم عرفهم باختلاف طبقاتهم ، ولو ختن ولده وحملت له هدايا ملكها الأب ، وقال جمع للابن فيلزم الأب قبولها : أي عند انتفاء [ ص: 425 ] المحذور كما لا يخفى ، ومنه قصد التقرب للأب وهو نحو قاض فيمتنع عليه القبول كما بحثه بعض الشراح وهو ظاهر ومحل الخلاف حيث لم يقصد المهدي واحدا منهما وإلا فهي لمن قصده بالاتفاق ، ويجري ذلك فيما يعطاه خادم الصوفية فيكون له عند الإطلاق أو قصده ولهم عند قصدهم وله ولهم عند قصدهما : أي فيكون له النصف فيما يظهر أخذا مما يأتي في الوصية لزيد الكاتب والفقراء مثلا .
وقضية ذلك أن ما جرت به عادة بعض أهل البلاد من وضع طاسة بين يدي صاحب الفرح ليضع الناس فيها دراهم ثم يقسم على المزين ونحوه يجري فيه ذلك التفصيل ، فإن قصد المزين وحده أو مع نظرائه المعاونين له عمل بالقصد ، وإن أطلق كان ملكا لصاحب الفرح يعطيه لمن يشاء ، وبهذا يعلم عدم اعتبار العرف هنا ، أما مع قصد خلافه فظاهر ، وأما مع الإطلاق فلأن حمله على من ذكر من الأب والخادم وصاحب الفرح نظرا للغالب أن كلا من هؤلاء هو المقصود هو عرف الشرع فيقدم على العرف المخالف له ، بخلاف ما لا عرف للشرع فيه فيحكم بالعادة فيه ، ولهذا لو نذر لولي ميت بمال فإن قصد تمليكه لغا أو أطلق وكان على قبره ما يحتاج للصرف في مصالحه صرف لها ، وإلا فإن كان عنده قوم اعتيد قصدهم بالنذر للولي صرف لهم .


